آراء و أقلام إنجيلية

التجربة والنتيجة

  • بقلم: أ. مارسيل فؤاد

من هي حواء؟
أول امرأة وأول زوجة وأول أم خُلقت وأصبحت أم كل حى (تك 3 :20)،وهى أول لاهوتية حيث إنّها تحدثت عن الله،وكانت لها المبادأة (أخذت وأكلت) ،ودخلت في حوار ومناقشة وفكرت وكان لها القرار معتمدة على نفسها؛ كانت مستقلة وقائدة.
المرأة التى بلا خطية وأول من هاجمها الشيطان وجهاً لوجه، ولم يتحاور إبليس وجهاً لوجه إلا مع الأقوياء كما فعل مع المسيح في التجربة على الجبل في الأناجيل وحواء في (تك 3) لأن إبليس يحارب الأقوياء ،وأول من تلقى النبوة الخاصة بالصليب (تك3 :15) لأنها لم تكسر الوصية عن عمداً بل خُدعت وكلمة " يغو" التى جاءت كنتيجة تجربة إبليس لحواء تعني أنْ تخدع شخص لدرجة أنّه يقبل الكذب على أنّه حق، وحواء أخطأت ولكن هناك رحمة للذين يخطئون بسبب الخداع وهذا ما يؤيده بولس الرسول (1تي1: 13) "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًّا. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إِيمَانٍ". شهية بريئة في ذاتها ، ولكنها لم تتعدى الوصية لأن معنى " تعدى " أنه أعطيت له وصية وكسرتها فأصبح التعدي الإرادي على الشريعة .
النموذج الأصلى الذى خلق الله عليه حواء والذى أعاده المسيح بالصليب بعد الخطية:
1- حواء على صورة الله :
(تك 1: 27) "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ".
(كو 3: 10) "وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ".
لها سلطان على الخليقة:
(تك 1: 28) "وَتَسَلَّطُوا عَلَى ...... " كناية عن تفوق الإنسان على الخليقة لذلك لا يمكن قصر أيّ تفوق في السلطان على أيٍّ من الرجل والمرأة في الميادين التي أعطيَ الله للإنسان أن يتسلط فيها ، حواء كانت تختار أسماء الأولاد " وَدَعَتِ اسْمَهُ ...." (تك4 : 25) .
(يو1: 12) "وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَي الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ".
لها البركة:
(تك 1: 28) "وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ»".
(رؤ20: 6) "مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً للهِ وَالْمَسِيحِ" .
أكاذيب تصدقها حواء :
حواء الجنس الأضعف:
بالرغم أن الله قال عنها المعين والتى من معانيها ( يقوى – يسند - ينقذ - يدعم )،وبالرغم من أن صفة المعين التى دعاها الله بها فالمعين لا يمكن أن يكون شخص ضعيف ففى (تك 2: 18) وقال الرب الاله: «ليس جيدا أن يكون ادم وحده، فاصنع له معينا نظيره».
تكررت نفس الكلمة في الأصل العبري 21 مرة منهم 15 مره تم الإشارة إلى الله فيها بأنه هو المعين مثل ماجاء فى (خر18 :4): "وَاسْمُ الآخَرِ أَلِيعَازَرُ، لأَنَّهُ قَالَ:«إِلهُ أَبِي كَانَ عَوْنِي وَأَنْقَذَنِي مِنْ سَيْفِ فِرْعَوْنَ" ،والمعاني الأخرى بمعنى جيش قوى يساند جيش ضعيف .
حواء أخرجت اّدم من الجنة :
العهد الجديد يؤكد أنّ سلوك آدم هوالذى أتى بالخطية إلى العالم وليس حواء حيث أن:-
(رو5: 12) : "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إلى الْعَالَم، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ". (One man) (NKJV) .
(رو5: 14) : "لكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدم إلى مُوسَى، وَذلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّيآدم" .
(1كو15: 22) : "لأَنَّهُ كَمَا فِي آدم يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ..."
(1تى 2: 14) : "وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ المرأة أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي".
ملحوظة هامة :
حقاً أن لفظ اَدم قد يشمل الجنس البشرى ولكن بالتأكيد اذا كان يقصد حواء فقط كان ذكر في هذه الأيات حواء فقط ولم يقل اّدم وهنا دليل أن الخطاء خطاء الاثنين أو اّدم لوحده ولكن من المستحيل أن يكون حواء لوحدها .هل حواء خلقت لأجل اَدم؟
أولاً: الكل خُلق لمجد الله : (أش43: 6-7) " اِيتِ بِبَنِيَّ مِنْ بَعِيدٍ، وَبِبَنَاتِي مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. بِكُلِّ مَنْ دُعِيَ بِاسْمِي وَلِمَجْدِي خَلَقْتُهُ وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ " الله لم يخلق إنسان لأجل إنسان .
ثانـياً: وجود الأنثى هى خطة الله : منذ البداية، الإنسانية فى عرف الله ذكر وأنثى "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ " (تك1 :26).
ثالـثاً: خلق اَدم أولاً ليشعر باحتياجة لحواء: أراد الله أن يدرك ادم اولأ من خلال تسميته للحيونات أن يحتاج لشخص أخر من نفس جنسة ومساوى له ليستطيع أن يعينه"فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ. وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ" (تك 2 :20) فاّدم لم يقترح وجود حواء على الله ولكن حواء فى خطة الله وارد من اّدم ادراك أهمية وجودها معه لذلك قال بولس وأكد على فكرة التكامل وأن كل الخليقة هى لله لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ المرأة هِيَ مِنَ الرَّجُلِ، هكَذَا الرَّجُلُ أَيْضًا هُوَ بِالمرأة. وَلكِنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنَ اللهِ." (كو12 :11).
رابعــاً : كان يجب أن يخلق أحدهما قبل الأخر: فالأول يعلم باحتياجه للثانى ، والثانى يعلم أنه من الأول؛ الخطية هى عدم اصابة الهدف ، وهدف الخلاص ليس فقط الذهاب للسماء بل خلاص الإنسان من أى تشوه نفسى وفكرى وروحى ، وليس الهروب من الخطية . كان على الإنسان أن يكون ملكاً وكاهناً ويعكس سلطان الله على الطبيعة وينقل عبادة الخليقة لله . فوصية يوحنا لغايس النجاح فى كل نواحى الحياة وبولس لتيموثاوس أن يجتهد ويعكف ليكون تقدمه واضح فى كل شىء ولم يكن يوماً اَدم لوحده ممثل للإنسانية .
أخطاء حواء السبع:
أولاً : الدخول فى الحوار مع إبليس:
الرد على إبليس هو الانتهار كما ذكر فى يهوذا ،ويقول المرنم برفض وباصرار أى حوار مع إبليس .
ثانياً : خطأ حذف كلمة "كل":
حذفت كلمة (جميع) من كلام الله فى هذه الإية "وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدم قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ " تك 2 :16وذلك بالمقانه مع كلامها مع الحية فى ( تك 3: 2) حيث قالت للحية : "فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ" وهذا الحذف له هدف حيث إنها ارادت إظهار قلة الأختيارات حيث احياناً نفعل مثلها نريد أن نظهر اننا مسيرين وغير مخيرين لتبرير أخطائنا .
ثالثاً: خطأ أضافة كلمة "وَلاَ تَمَسَّاهُ":
فى (تك 3 :3) اضافة كلمة وَلاَ تَمَسَّاهُ وكان هدفها إعطاء إيحاء بصعوبة الوصيّة.
رابعاً : خطأ حذف المفعول المطلق:
حيث حذفت لغة المفعول المطلق والتى تستخدم لتأكيد الفعل فى اللغة العربية التى استخدمها الله فى كلامه فى تك 2 : 16 "تَأْكُلُ أَكْلًا" بالمقارنة مع "نَأْكُلُ" (تك 3: 2) ،من كلام الربّ نفهم أنه يؤكد أنّ الشجر المتاح يجعلهم يأكلون ويشبعون ويتمتعون بهذا الثمر، أمّا كلامها يدل على مجرّد الأكل بغض النظر عن إشباعهم وإرضائهم والتمتع بالتنوع.
خامساً : حذف لغة التأكيد في كلمة "مَوْتًا تَمُوتُ":
الهدف هو الاستهتار بالنتيجة ومن شدّة وفوريّة العقاب واستخدام لغة الاحتمال "لئلا" بالرغم من أنّ الله أكد حتميّة الموت.
تكوين 3:3 واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله: لا تاكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا».
سادساً : غيرت اسم الشجرة:
حيث أن الله لم يحدد مكانها فى الجنة الله قال "وَشَجَرَةَ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" ،بينما هي قالت "وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ" ،وهدفها عندما حددت مكان الشجرة وقالت في الوسط، على الرغم من أنّ الربّ لم يحدد مكانها، كما لو كانت تزعم أنّه مكان وموقع مهم واستراتيجي ومعرقل لها ، وبالتالي الله نفسه يدفهم للأكل منها.
نجاحات حواء:
في حادثة السقوط نجد الإجابات والحقيقة بلا رتوش :
أخطأت حواء لكنها ألقت باللوم على الشيطان واعترفت بخطيتها وليس على الله وزوجها كما فعل آدم.
اَمنت بالوعد، وبأنّ شخصًا ما سيهزم عدوها (تك3: 15) "وَأَضَعُ عَدَاوَةً.. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ»".
قبلت هذا بالإيمان كما في (تك 4: 1) "فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ»". تعليق: :
إن أوّل من أدركت فكرة التجسد لتخليص العالم من الخطيّة هي حواء ، ويقول وليم ماكدونالد فى هذا العدد (تك 4: 1) : "في تسميته قايين (اقتناء) قد تكون حواء فكرت أنّها ربما تكون ولدت النسل الموعود به" ، وفى هذا الصدد يذكر وليم مارش : "ٱقْتَنَيْتُ رَجُلًا مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ" وفي الأصل العبراني (את יהוה) (ات يهوه) فيكون المعنى اقتنيت رجلًا الذي هو الربّ ، وعن مواجهة التجربة كانت حواء لاهوتيّة حيث إنّها تحدثت عن الله، وكان عندها الاكتراث والاهتمام وكانت لها المبادأة (أخذت وأكلت) ودخلت في حوار ومناقشة وفكرت وكان لها القرار معتمدة على نفسها؛ كانت مستقلة وقائدة بينما كان آدم سلبيًّا صامتًا ومُستقبلًا وتابعاً . فالمداخل التي دخل إِبليس بها لحواء هي نفس المداخل التي يدخل لنا بها اليوم، فأمّا يغير كلام الله أو يشكك في صدق الله ومحبته، ويمزج الصدق مع الكذب، والأخطر أنّه دائمًا يعطيك فائدة للعصيان، والذي هو بلغة الهندسة انهيار، وبلغة القانون تعدي، وبلغة الطب مرض، وبلغة الفلسفة عدم إصابة الهدف.
من خلال ما سبق نعلم أنّ إبليس يستطيع أن يستخدم كلمة الله ليقنعك بعمل الخطية لذلك لابد عند استخرج مبادئ في كلمة الله لابد من دراسة الكلمة ككلّ والخلفية التاريخيّة لهذا الجزء وفهم ثقافة الكاتب جيدًا.
لا تستعجب عزيزي فإبليس لا يحارب المؤمن إلّا بكلمات إيمانه. فحارب المسيح بالمكتوب وحارب حواء بكلام الله.