آراء و أقلام إنجيلية

قبل وبعد الميلاد

  • بقلم: أ. أرمنيوس المنياوى

ميلاد السيد المسيح له المجد هي ميلاد الحياة التي يريدها الله في حياة كل منا، وهي حياة مختلفة عما كانت عليه الحياة قبل الميلاد.
قبل الميلاد كانت هناك مشكلة لايوجد لها حل بشري، لأن من تسبب فيها هو الإنسان قبل الميلاد ومن ثم لايمكن بأى حال من الأحوال أن يكون هذا الإنسان طرفا أو جزءا من الحل، ليس كتقصير منه كإنسان في البحث عن حلول لتلك المشكلة ولكن لأنها مشكلة تتعلق بغير المحدود وهو ما لا يقدر عليه الإنسان المحدود،
فالأخير وهو الإتسان المحدود قد أخطأ في غير المحدود وهو الله ومن ثم فمن غير المقبول وغير المعقول يمكن للإنسان المحدود أن يتصالح بشكل مباشر مع الله الغير محدود ولاسيما بعد الحكم عليه عقب إرتكابه الخطأ في حق الله عندما جاءه الحكم الإلهي السريع بعرق جبينه تأكل خبزك وملعونه الأرض التي شربت دم أخاك هابيل ومن ثم فقد أصبح منذ هذا الحكم كل نتاج الأرض ملعون، ومن ثم كل شيئ صارا ملعونا بما فيه الإنسان ومنتجات الأرض نفسها ولكي ترفع هذه اللعنة كان مطلوبا إنسان بلا خطية لكي يرفع تلك اللعنة عن الأرض والإنسان.
وكما كان معلوما في العهود القديمة أن كل من يعلق على خشبة لابد وان يكون ملعونا وهو ما ينطبق على الٱية ملعون كل من علق على خشبة ولكي ترفع اللعنة كان لابد من الموت بهذه الطريقة وقد بين الله لنا محبته كان لابد وأن يأتي مخلصا لتلك الإشكالية العظيمة والتي توارثتها الأجيال عن طريق الإنسان الأول أبونا ٱدم وتبعه أبنه قايين فكان لابد من وجود مخلص يأتي من السماء بلا دنس أو عيب لكي يحمل تلك الخطية ويلقي بها في بحر النسيان.
فكان الميلاد.....

والميلاد ليس تذكارا لحدث عظيم قسم الزمن ولكن أيضا معايشه.
لأن الميلاد كشف حقيقة ما كنا عليه وما ينبغي أن نكون عليه.
وأيضا الميلاد أمر حدث خصيصا للإنسان الذي سقط وبسقوطه شعر بمعاناة دون مخرج منها، وعاش الإنسان فترة طويلة من الزمن يبحث عن طوق نجاة ووضح ذلك جليا في بعض أسفار الكتاب المقدس.
فقد رأينا أنبياء العهد القديم يتحدثون للشعوب ويبعثون لهم برسائل مرة محيرة وأخرى باكية وقد برز في ذلك النبي أرميا للدرجة التي أطلق عليه بعض المفسرين والكتاب النبي الباكي.
ومن ثم لم تكن هناك حيلة أخرى لخلاص الإنسان من بئر الخطية إلا تلك اللحظة التي نحن بصدد ذكراها الٱن .
لحظة الميلاد ومثلما ذكرت فهي لحظة قد جاءت لخلاص الإنسان وليس لأى غرض ٱخر،
وهو ما أكدته الملائكة عندما زفت لنا أو للأرض بشرة الخلاص فالملائكة لم تقل لنا أنه ولد لنا مخلص أي ولد للملائكة ولنا، بل كانت كلماتهم واضحة، كما سطرها الوحي المقدس لقد ولد لكم أى لنا نحن هكذا تحدث وترنمت الملائكة " "أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ." (لو 2: 11)"
يا لها من جمال ودقة العبارات المقدسة التي وردت في الكتاب المقدس، والرسائل المطمئنة والمبشرة لنا والتي جاءت بلا غموض لمن يريد أن يتعامل مع كلمة الله.
فقط يتبقى علينا الثقة والتصديق وهما الفيصل في خلاص الإنسان ..أى إنسان في العالم عليه أن يثق وأن يصدق أن خلاصا مجانا قد أعطى للكل من السماء وليس لفئة دون الأخرى من الناس.
وأيضا خلاصا، ليس من بشر مثلنا ولكنه من رب السماء ولم يكن غيره قادرا أن يفعل ذلك الأمر غيره.
فالميلاد تكلل بمميزات عديدة نتخذ منه لأنفسنا عظات وعبر وإفادة.

وأن الله القادر على كل شئ جاء لكي يكسر الكبرياء وتعظم المعيشة الذي كان قد ملأ الأرض ولكن بولادته في مزود وفي مكان كان هو الأردأ ليتحول بعدها إلى أعظم مكان على وجه المسكونة وضع حدا إلهيا للتفرقة بين الناس وبعضها البعض، فقد جاء بطريقة هى أنبل الطرق تواضعا.
لقد ولد السيد المسيح له المجد من خلال أمرأة مخطوبة ليس لعالم أو رمزا كبيرا في المحتمع ولكنه من فتاة مخطوبة لنجار اي من بيت فقير لتصير هذه الفتاة الفقيرة مقدسة تطوبها أجيالا بعد أجيال.. ميلاد به عظات ودروس وهي رسالة لمن يريد أن يفهم قيمة الحياة.
القيمة للحياة فقط مع الله ..به تكون القيمة والقامة ومن غيره فأننا فقراء ونشبه الغني في غناه.ولكن معه نحن أغنياء ونمتلك كل شيئ.
هذه هي رسالة الميلاد لنا إذا ما صدقنا هدف الميلاد ومجئ المخلص والمشير والإله القدير ورئيس السلام.
الميلاد به إفادة لنا على المدى القصير والمدى البعيد أي في حياتنا القصيرة على الأرض وفي حياتنا الأبدية أيضا.
عندما ولد السيد المسيح له المجد من العذراء وهو الأزلي كان الهدف أن نلد نحن أيضا من جديد حتى تتغير حياتنا ويتغير معه شكل جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده .. جسد لا تشوهه الخطية ..جسد ممجد هكذا هي رسالة الميلاد وهو ما قصده قول الملائكة ولد لكم أى لنا وليس ٱخر لكي نصير مهئيين لنوال الإكليل في الجسد الجديد ..إكليل النجاة والحياة ..
الميلاد فيه إفادة لنا لكي نشعر نحن المؤمنين بغني مجد الله في ذواتنا
..لعل في مثال المولود الأعمي إشارة إلى الخطية التي كانت ساكنه في جسده وعقله ولكن عندما أبصر قال أعرف شيئ واحدا أنني كنت أعمى والٱن أبصر ..أى أنه شعر بالرؤية وشعر بالنور وكأن لسان حاله يقول " أنا في ذاتي أشعر بأنني قد تجددت وحصلت على فائدة الخلاص في حياتي، شعرت بالنعمة التي ملكت على حياتي بالميلاد الجديد"
هذه هي مكنون وهدف رسالة الميلاد لنا في هذه الأيام أننا ولدنا من جديد وهو أمر ينطبق على كل من قبل المسيح مخلصا في حياته فقد ولد مع المسيح وصار خليقة جديدة ..أى خليقة بعد الميلاد مثلما نرددها الأن دون أن يدري بعضنا فحوي تلك العبارة " قبل وبعد الميلاد"
فالحياة قبل الميلاد شيئ وبعد الميلاد شئى ٱخر والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الٱن وعلينا أن نسأله لأنفسنا هل نحن مازلنا نعيش قبل الميلاد أم قد إنتقلنا للحياة بعد الميلاد ؟