نور الميلاد
1/15/2024 12:00:00 AM
وردت كلمة نور بمفرداتها في الكتاب المقدس 190 مرة تقريبًا؛ منها 67 مرة في العهد الجديد، وتفرد البشير يوحنا الحبيب بذكر الكلمة 23 مرة في بشارته. وهذا النور لم يكن النور الذي نراه بضياء الشمس أو القمر، أو ضوء يأتي إلينا أي كان مصدره. بل هـو نور خاص جدًا، إذ أنه ارتبط بميلاد المخلص "الرب يسوع المسيح". لذا وصف بأنه نورًا عظيمًا، وأنه سبب فرح أيضًا عظيمًا، ومن خلال الكلمات الواردة في العهد الجديد نكتشف المقصود بالنور وأهميته للحياة. فنرى:
1- أنه نور الحياة: نعم. النور بداية الحياة. هكذا نتعلم من كلمة الله. فبداية الخليقة كان لابد من النور"وَقَالَ اللهُ: "لِيَكُنْ نُورٌ"، فَكَانَ نُورٌ."(تك1: 3)، لأنه كيف تُصلح الأرض الخربة التي سوف تستقبل خليقة الله البشرية بدون نور حقيقي ينير أرجاءها، وهكذا أعلن البشير يوحنا: "فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،"(يو1: 4). فالنور هو أصل الحياة.
2- أنه نور للعالم: العالم هنا المقصود به البشر (الإنسان) أي للبشرية جمعا. نعم للبشرية لأنه هو قال: "أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ،"(يو12: 46). ووضح ماذا يقصد بكلماته:" ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ"(يو8: 12). فنور العالم المادي أثبته الله بالشمس والقمر.
3- أنه نور لشعب: يقول البشير متى أن:"الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا،"(مت4: 16). النور أشرق على من هم في ظلام الخطية والفقر الزمني والروحي. نعم جاء للبشرية المعذبة:" إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ"(يو1: 11)، فكلمة خاصته حتى ولو فهمنا منها جماعة محددة. إلا أن مضمون رسالة النور يتضح لنا جليًا من قوله هو: " لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ."(يو3:16). وهنا نستطيع أن نعي أن خاصته هي البشرية كلها.
4- أنه نور إعلان: يسجل لنا البشير لوقا كلمات سمعان الشيخ عن شخص الرب يسوع إذ يقول أنه: "نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ،"(لو2: 32). إعلان الحب للجميع، وليس الحب فقط بل الفداء والخلاص لكل من يقبل إليه ويمشي في ضياءه. فتتغير حياته ويصير ابن لله:" وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ"(يو1: 12). وهكذا يعلن الرسول بولس قائلا: "اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ". (أف5: 14).
5- أنه نور داخلي: يعلن البشير يوحنا أن هذا النور للحياة الداخلية، أي العلاقة القلبية "فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،"(يو1: 4). كما يؤكد هذه العلاقة الوثيقة بين النور والحياة فيقول:" كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ."(يو1: 9) ويؤكد المعنى مرة أخرى الرسول بولس فيقول: " مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ،"(أف1: 18).
عزيزي القارئ. النور جاء لأجلك أنت، وهو يناديك لتسير (فيه وبه وله) فتكون لك الحياة، وتضمن سلام المسير لأبدية سعيدة. وكل ثانية وأنت بخير وسلام. الرب معك.