إمرأة برج تاباص وشجاعة الإيمان
2/19/2024 12:00:00 AM
هي شخصية مغمورة ذُكرت قصتها فى (قض 9 : 50- 53) التي استعملت الإمكانات القليلة المتاحة لديها ، لكن لم يفكر أحد سواها أن ليس عند الرب مانع أن يخلص بالقليل. وفي شجاعة الإيمان طرحت قطعة رحى على رأس أبيمالك فكسرت جمجمته،وأنهت أسطورة أبيمالك بن جدعون من سريته الذى قتل أخوته السبعين على حجر واحد من أجل إغتصاب السلطة بالإتفاق مع أهل شكيم ، ولكن كما غدروا بأبناء جدعون غدروا أيضاً بأبيمالك وظهر رجل يدعى جعل بن عابد أدعى قدرته على محاربة أبيمالك وهو رجل برج شكيم الذى بسببه مات ألف رجل وامرأة "فَقَطَعَ الشَّعْبُ أَيْضًا كُلُّ وَاحِدٍ غُصْنًا وَسَارُوا وَرَاءَ أَبِيمَالِكَ، وَوَضَعُوهَا عَلَى الصَّرْحِ، وَأَحْرَقُوا
وسأقدم لك عزيزى القارىء مقارنة بين "رجل برج شكيم " و"امرأة برج تاباص" ، ولماذا هى أنتصرت على أبيمالك ولماذا هو هُزم ؟!
1- الأستخفاف والكبرياء :
فَقَالَ جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ: «مَنْ هُوَ أَبِيمَالِكُ وَمَنْ هُوَ شَكِيمُ حَتَّى نَخْدِمَهُ؟ "(قض9 :28) وهى لغة إستفاهمية إستعلائية بغرض الأستخفاف فى اللغات السامية، وقد لعب على الوازع الدينى حيث حبهم لصنم يربعل الذى هدمه جدعون .
2- التمنى بالرياء:
"مَنْ يَجْعَلُ هذَا الشَّعْبَ بِيَدِي فَأَعْزِلَ أَبِيمَالِكَ».ع29 وهنا أستفهام بغرض التمنى والطلب بذكاء حيث يخفى دوافعة فى رد العار حمور أبى شكيم .
3- التحدث بالظهر:
"وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي .. يَقُولُ: «هُوَذَا جَعَلُ بْنُ عَابِدٍ وَإِخْوَتُهُ قَدْ أَتَوْا إِلَى شَكِيمَ، وَهَا هُمْ يُهَيِّجُونَ الْمَدِينَةَ ضِدَّكَ."ع31
المواجهة هى للأبطال
4- الهزيمة والخسائر:
"فَهَزَمَهُ أَبِيمَالِكُ، فَهَرَبَ مِنْ قُدَّامِهِ وَسَقَطَ قَتْلَى كَثِيرُونَ حَتَّى عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ."ع40
أما فى ع 53 " فَطَرَحَتِ امْرَأَةٌ قِطْعَةَ رَحًى عَلَى رَأْسِ أَبِيمَالِكَ فَشَجَّتْ جُمْجُمَتَهُ."تاتى نهاية هذا الشرير الذى وصفة أخاه بشجرة العوسج
بفضل امرأة برج تاباص لم يلاقى أهلها نفس مصير الحرق والموت مثل أهل برج شكيم
بل أمنت أن الله يعمل حتى بالأمكانيات الصغيرة مدام الدافع أمين لم يذكر حتى اسمها
ولكنها أنهت الحرب والهلاك.
بالرغم أن الإقتراب من الأسوار حركة عسكرية غير ذكية إلا أن الكبرياء جعل أبيمالك يسقط فى أبسط خدع الحرب.
حتى أن يوٱب فى (2صم 11 :21 )" مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ إمْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحًى مِنْ عَلَى السُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ السُّورِ؟"
أستشهد بالتى فعلته إمرأة برج تاباص ومنها نتعلم أن الله يعمل حتى بالإمكانيات البسيطة
سلم للرب ما عندك وهو يستخدمه ويرده لك أضعاف .
فسلم موسى للرب عصا عاديه أستلمها عصا معجزات ،وشمشون بلحى حمار قتل ألف رجل وجدعون غلب المديانين بثلاثة مائة رجل وجرار ومصابيح وأبواق وهذه ليست أدوات حرب
كما فعلت بطلة المقال فالحجر ليست أداة للحرب.
فكما فَقَالَ يُونَاثَانُ لِلْغُلاَمِ حَامِلِ سِلاَحِهِ: «تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى صَفِّ هؤُلاَءِ الْغُلْفِ، لَعَلَّ اللهَ يَعْمَلُ مَعَنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِالْكَثِيرِ أَوْ بِالْقَلِيلِ»."1صم 14:6"
يقول الفاضل الدكتور القس اندرية زكى فى أحدى "أن الخوف الغير طبيعى هو شعور قاتل يعرقل التقدم فى الحياة وعدم الثقة وغياب الإيمان يجعل النفس هش فى مواجهة التحديات والظروف" وهذا ما يؤكده الكتاب فالمؤمن لا يخاف أذا كانت إمكانياته حسب نظرة العالم ضعيفة لأن وعد الرب أنه سيصنع به معجزات(مز ۳۷: ۱٦) " اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ." امرأة برج تاباص وثقت ولم تخف برغم من ضعف إمكانياتها لأنها أمنت بأن القليل فى يد الرب عظيم.