آراء و أقلام إنجيلية

الأرملة الغنية

  • بقلم: د.ق. خلف موسى

2 مل 4: 1
لم يذكر الوحيً اسم هذة السيدة لأنها رمز لكل البشرية ، فهي السيدة "الإناء الأضعف " أمام ظروف الحياة القاسية، فقد بدأ الأمر معها بالموت، ثم الوحدة ثم ثقل الديون، مثلها مثل كل انسان في هذا العالم، ميت بالذنوب والخطايا والموت يحيط به من كل ناحية، وتركه في حيرة من أمره، يفكر كيف يدبرحاله، ويلحق به ثقل ديون الخطية، فقد فقدت هذة المرأة زوجها وتركها وحيدة مع طفليها مع ثقل مثل الديون، مثلها مثل الانسان الخاطيء الرازح تحت ديون الخطية، ولم يكن هذا فقط بل أتي المرابي _ صاحب الدين _ ليأخذ ولديها منها بلا رحمة ليطبق العدل عليها حسب القانون، وهذا ايضاً ما حدث مع الانسان الضعيف الواهن الخاطيء الساقط فقد أتى عليه الناموس ليقتص بلا رحمة حقه حسب الوصايا، فلا مفر من تطبيق العدل، ولكن يظهر في الأفق نور جديد، انه نور الرحمة والإنقاذ(الخلاص) فقد حددت هذة المرأة وجهتها، وعرفت طريقها، انه طريق رجل الله الذي يمثل حضور الله وسط الشعب، فهو الطريق الوحيد لكل ضعيف وكل خاطيء،
فهو مازال فاتح أحضانه منادياً " تعالوا إلىً يا جميع المتعبين والثاقلي الأحمال و أنا أريحكم" فهرولت هذة السيدة إلى رجل الله تصرخ وتطلب منه أنه يعينها ويرشدها لتغيير وضعها المؤسف والمتعب، مثلها مثل الخاطيء الذي يتوجه الى الله صارخاً من ديون الخطية وسطوة إبليس وقصاص الناموس، طالباً راحة ومعونة لتغيير أوضاعه المتعبة.
وعندما وقفت هذة السيدة بين يديً رجل الله، صرخت وأعترفت بحالها، واعترفت بضعفها وعدم مقدرتها على سداد الدين، وعجزها عن ان تفعل شيء، وهي تعلم انها لا تطلب حق بل تستشدي المعونة، مثلها مثل الخاطيء عندما يأتي إلى الرب وهو ضعيف وعاجز عن فعل اي شيء معترفاً بعدم أستحقاقه، متكلاً على النعمة الإلهية، "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح".
فيأتيها الحل السماوي الغير متوقع، و الغير متناسق مع العقل البشري، انه الخلاص إنه التدبير الإلهي، والعجيب أن هذة المرأة لم تناقش رجل الله أو تراجعه فيما قال لها لحل مشكلتها، ففكر الله يعلو فوق أفكارنا ويفاجئنا بعمله وتدابيره.
قد إنتقلت هذة السيدة من تلقي التعليمات إلى تطبيق التعليمات في ارض الواقع، فحياتنا المسيحية تبدأ في المعرفة وتنتقل الي مرحلة الفهم وبعدها مرحلة التطبيق الفعلي في ارض الواقع
ولك أن تتخيل هذة السيدة العظيمة عندما ذهبت إلى بيتها مع ولديها، وأغلقت الباب، مثلها مثل كل مؤمن حقيقي، يدخل إلى مخدعه ويغلق بابه، ليستقبل من الرب بركات وتدعيمات وحلول سماوية، نذكر ان ابنيها أيضاً لم يعارضا هذا الفعل المضاد للعقل، انه الايمان يا سادة، المتكل على وعد الرب، "لم أرَ صديقاً تُخليَّ عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزاً"، فقد إتحدوا في إيمان واحد، انه ما وعد به الرب سوف يحدث بالتأكيد،
وها قد حدثت المعجزة المكافئة للإيمان، و إنهمر الزيت على كل إناء يتم تقديمه تحت السكيب، مثل كل انسان يطلب سكيب الروح القدس بإيمان، فتتغير الحياة من الفقر إلى الغنى، ومن العوز إلى الفيض ومن الجوع إلى الشبع، ومن المديونة إلى المليء، ومن العبودية إلى الحرية، ومن الحزن إلى الفرح. هاليلويا

فهذة السيدة تأسر قلبي بإيمانها الصادق والفعال، فهي مثال حيً للمؤمن الأمين، فبهذة السيدة أعلن الله مجده وقدرته وعظمته، كما يكون المؤمن الأمين الشاهد للرب والخادم الذي يفعل الكل لمجد الرب، فلنحتذي بها ونفعل مثلها فنكون نور واعلان للآخرين