أوريّا الحثي
3/11/2024 12:00:00 AM
بينما يعم الظلام في حياة داود الملك وقادته ، بينما كان الشعب يعبث ، بزغ فجأةً شعاع نور، ألا وهو أوريّا الحثي الذي يعني اسمه "يهوة نوري"، لم يخضع يوما لمملكة الظلمة، بل كان فريداً منيراً مشرقاً في وسط أعمال الظلمة، فعندما كانوا قادة داود في الحرب، كان داود يختبيء في الظلمة، ولم يتخذ مكانه الصحيح، في مقدمة الحرب، بل خضع لراحة جسده، وبالتالي أصبح فريسة لأرواح الظلمة، وسقط تحت أهوائه وشهواته، واستغل سلطانه في فعل النجاسة مع زوجة أوريّا الحثي، ذاك الرجل الشريف الذي ترك شعبه وفضّل أن يكون مع شعب الرب ويعبد إله العبرانيين، ولكن داود خذله في الخفاء، ولم ينتهي الأمر بعد، بل أرسل ليأت بأوريّا من الحرب ليخفي جريمته وخطيته.
فيأتي النور(أوريّا ) ليتواجه مع الظلمة وأعمالها، فعندما أمر الملك داود أوريّا للنزول إلى بيته فقال "إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجعَ مَعَ امْرَأَتِي؟ وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ، لاَ أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ". 2 صم 11: 11
فهذ الرجل العظيم يتمتع بكم من النزاهة والولاء، بعكس ما صنع داود، فنجح في الإختبار وإنتصر في معركة النزاهة والولاء، ولكن لم تنته المعركة بعد، فهناك الجولة الثانية، فقد دس له داود السم في العسل، فقد دعاه ليأكل معه فيالها من كرامة عظيمة أن يجلس مع الملك على مائدته، فأسكره داود ليغيّب إرادته ونزاته، ويستر جريمته، فواجه أوريّا بحسم الجولة الثانية، ودافع بقوة أمام حرب شنعاء وغير نزيهة بالمرة، وإنتصر أيضاً إنتصاراً عظيمة سقطت أمامه أعمال الظلمة وهذا لأنه رافع شعار "يهوة نوري"
وهنا نجح أوريّا في الإختبار الأول بجدارة، فوقفت أعمال الظلمة مكتوفة الأيادي أمام النور الحقيقي، ولكن المعركة مازالت تشتعل، ومملكة الظلمة مكينة تخترع طرق الموت وتبدع في صنعه، فكتب داود قرار ملكي بموت أوريّا، ويالروعة المشهد عندما يحمل أوريّا نفسه قرار إعدامه، ليسلمه إلى يوآب رئيس جيش داود.
وهنا تظهر أمانة أوريّا الرائعه، ففي الطريق لم يحاول أن يفتح الرسالة من أمانته المميزة فلو فتح الرسالة وقرأ ما بها لإستطاع الإفلات من حكم الإعدام، ولكن قام بتسليم الرسالة كما هي إلى يوآب، فيالعظم أمانة هذا الرجل.
وكما تعودنا أن النزاهة والأمانه لهما ثمن لابد من دفعه مهما كان، فحسب قرار الملك قام يوآب بوضع أوريّا في وجه الحرب الشديدة، وإلى هذه اللحظة أيضا يظل أوريّا ضاربا لنا مثال جديد.
فبرغم الحرب الشديدة ومواجهة الموت يظهر لنا أوريّا الحثي شجاعته، فواجه الحرب حتى الموت ولم يهرب ولم يخاف، بل فضّل أن يموت ولا تتسخ ثيابه بالظلمة ليظل رافع شعار"يهوة نوري"
ونجد حتى بعد موته مازال يشع من نوره نور جديد، فبعد موته مكتوب أن زوجته ندبته وصنعت له مناحة، وإن دل يدل على إنه كان محب لزوجته، وكانت زوجته محبة له، فيتصف هنا بالمحبة والود.
فهذا الرب كان مثال للنزاهة والولاء مثال للأمانة مثال للشجاعة مثال أيضاً للمحبة، وسوف تظل المعركة مشتعلة بين الظلمة والنور، فلا ننسى وعد الرب يسوع لكل مؤمن قائلاً " أنتم نور العالم" & "ليضئ هكذا نوركم قدام الناس" ونرفع نفس الشعار المقدس "يهوة نوري"