آراء و أقلام إنجيلية

نحميا ..رجل الساعة

  • بقلم: د.ق. خلف موسى

إنه نحميا يا سادة، رجل الساعة الذي كان جاهزاً ومستعداً، لإتمام مشيئة الرب، الفاهم لتوقيتات السماء، والعارف بالشريعة الإلهية، بينما الكل نيام، والشعب في السبي البابلي ومرت سبعون عاماً ولم يكن هناك جديد، الا الألم والمرارة والتعب والتسخير والعبودية، فمن بين الآلاف وقف رجل وقال هأنذا، فالواقع لا يُنبئ بخير و أورشليم محروقة على بكرة أبيها.
فإخترق الأمل اليأس، وشق الشعاع الظلمات، وأتى نور من بعيد ، يُكاد ان يُنظر، فكان هذا الرجل العملاق، الذي تحدى الواقع المخيف، وأول ما صنعه هو الصلاة، لقد بدأ البداية الصحيحة، ولجأ إلى الإله الذي يغير ويحرر، لقد تذكر هذا الرجل وصية موسى، التي تقول: إِنْ خُنْتُمْ فَإِنِّي أُفَرِّقُكُمْ فِي الشُّعُوبِ،‏ ٩وَإِنْ رَجَعْتُمْ إِلَيَّ وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمُوهَا، إِنْ كَانَ الْمَنْفِيُّونَ مِنْكُمْ فِي أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ أَجْمَعُهُمْ وَآتِي بِهِمْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي اخْتَرْتُ لإِسْكَانِ اسْمِي فِيهِ.‏ نح 1: 8 . وإستند على وعد الرب الصادق و كأنه اليوم، فلم ينظر إلى قلة الإمكانيات، أو عظم التحديات والعوائق، لأنه واثق في قدرات رب الجنود، فتوجه للملك وطلب منه السماح له بالذهاب وأعطاه ما طلب من أخشاب.
هنا نرى أن النجاح إبتدأ يظهر على الطريق، ولكن نحن نعيً تماماً أن المعركة الروحة و أرواح الشر لا تدخر جهداً، لتقف أمام هذا النجاح لتعيقه أو تحجبه، فيظهر ذلك في شخصيات سَنْبَلَّطُ الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ الذين إبتدؤوا مقامة نحميا، فقد قاوموه بالسخرية، لكي يثنوا عزمه على بناء سور أورشليم، ولكن نحميا ظل معلقاً عينيه على الهدف وعلى قدرة وامانة الرب، فبعد ذلك قاموا بتهديده انه يتمرد على الملك، فلم يعبأ بتهديدهم نحميا، بل تحدي بقوة كلامهم ، وقال: ٩فَصَلَّيْنَا إِلَى إِلهِنَا وَأَقَمْنَا حُرَّاسًا.
عندئذ قاموا بدعوته للقائهم للغدر به، فقال لهم نحميا القول الشهير: إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلاً عَظِيمًا فَلاَ أَقْدُرُ أَنْ أَنْزِلَ. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟ فهذا هو القول الفصل الذي أفحم أعداء النجاح.

عزيزي القارئ. قد تكون أسوار حياتك منهدمة ومحروقة بنار الشيطان، قد تكون أُخذت في السبي بسبب خطاياك، قد يكون واقعك ممتلئ بالمر والهوان، مثل شعب الرب في القديم، ولكن يوجد بعد رجاء، لأنه قد جاء الميعاد، ميعاد التحرر، ميعاد الخلاص، ميعاد الفرح، ميعاد البناء، فإصحى وإستيقذ، وقم ارفع صلاتك إلى إلهك القدير المحب المخلص، فتجد نعمة في عينيه، وتقاوم مقاوميك فيكون النجاح حليفك والخزي حليف أعدائك، لأن الرب معك، "إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي " نح 2: 20