آراء و أقلام إنجيلية

نساء الصليب(1) ... مريم المجدلية

  • بقلم: أ. مارسيل فؤاد

الوفاء هي صفة إلهية فقال الرب عن نفسه في (خر34 :6) "الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ" وهؤلاء النسوة هم قدوة لنا في الوفاء للمعلم.
قد حضرت المرأة في معظم حياة يسوع وأشد لحظات حياته المفرحة والمحزنة، فيكفي فى حياة المسيح أنها لم تفعل له امرأة واحدة شىء ردىء فكل ما بدر من النساء كان إيجابياً،على المرأة أن تفتخر بتاريخها مع المسيح فلم تقترب منه طمعاً في سلطة أو مال ولم تخونه أو تنكره ولم تجرحه بكلمة أو قاومته فعلينا كنساء أن نفتخر بقصتنا مع الرب المشرفة.
ونساء الصليب هن ستة نساء لا تستطيع أن تمر بأحداث الصليب بدونهن:
"مريم المجدلية –مريم ام يوحنا مرقس – زوجة بيلاطس –مريم أم يسوع – مريم أخت العازر-زوجة زبدي وأم يعقوب ويوحنا"

مـريـم الـمـجـدلـيـة:
-----------------------

" وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا عَنِ الْقَبْرِ" (يوحنا ۲۰: ۱) من هي؟ عرّفت الأناجيل عن مريم المجدلية كتلميذة يسوع والشاهدة على موته على الصليب والشاهدة الأولى على قيامته، ذُكرت (14) مرة منهم (8) مرات مع نساء أخريات ولكنها على رأس القائمة، أطلق عليها المفسرين “رسولة الرسل”، حيث تبعت يسوع فى رحلاته التبشيرية وقدمت له الدعم المالي والشهادة لاختبارها الشخصي مع الرب.
ومن أعظم الدروس في شخصيتها:
1-الوفاء: حيث بقيت مريم المجدلية عند القبر تبكي لأن محبتها للرب لم تدعها ترجع إلى المدينة كما رجع بطرس ويوحنا، وقال عنها هربت لوكير في كتابة كل نساء الكتاب المقدس "لم تلدغ سيدها بقبلة خائنة ولا انكرته بلسان خادع أنها تحدت الصعاب، بينما هرب الرسل فكانت أخر من ترك الصليب وأول من ذهب للقبر"
2-الرب أولاً: كان شخص الرب هو الأول في يومها "يا رب بالغداة تسمع صوتي. بالغداة أوجه صلاتي نحوك وأنتظر" (مز 5: 3)، حتى بعد موته بالجسد ذهبت له باكراً وكل من يبكر للرب يجده لأن الرب دائماً حاضر"الذين يبكرون إليّ يجدونني" (أم 8).
3- تشكيل عظيم: بالرغم أنها وصلت لكمال الشر والألم وحافة الهلاك أنقذها الرب وشفاها لتكون تلميذة له فنالت شرف أن تكون أول شاهدة ومبشرة بخبر القيامة التي هى أساس من أسس الإيمان،وأتعجب كثيراً لمن اتخذوا من عدم ذكر الرسول بولس لمريم المجدلية كأحدي شهود القيامة فى(1كو5:15-9) كدليل على ضعف شهادة المرأة رغم ذكرها فى الأناجيل" (مر9:16)، (مت9:28-10)، (يو1:20).
"فأنا أتساءَل إذا كان هذا حقاً سبب عدم ذكرها، فهل هذا يعنى أن بولس الرسول كان يعتقد أنه الوحيد الذي يكتب فى العهد الجديد؟! أم نحن نعترف بالرسائل ولا نعترف بالأناجيل التي اتفقت على أن مريم المجدلية والمريمات هن أول من شهدوا وأذاعوا خبر القيامة واستحقوا لأنهم لم يبقوا فى العلية فى خوف ورعب من اليهود مثل التلاميذ الرجال بل ذهبوا إلى القبر لتكريم الجثمان.
وبالرغم من أن شهادة النساء لم تُصدق. بل ظهر كلامهن بالنسبة للتلاميذ كالهذيان، وهذه الكلمة هي مصطلح طبي يُستخدم لوصف ثرثرة رجل أصابته الحُمى أو ثرثرة شخص مجنون فشهادة المرأة لم تعتبر ذات مصداقية في القرن الأول. ولكن إضافة لوقا لهذه الحادثة يؤكد على احترامه الشديد للمرأة واعترافه بإيمانهم على عكس التلاميذ المتشككين.
ويذكر د.ق أندريه زكي أن المرأة "المكون الإنساني الأعظم تأثيراً في المجتمع مصدر الحياة الملهمة للمسؤولية وبناء القيم والمواظبة والإنجاز"، وأنا أعتقد أن نساء الصليب الجزء الأكثر وفاء وحب وإيماناً في رحلة الصليب لذلك اختبروا القيامة بقوة كما وصفها الفاضل د.ق أندريه زكي: القيامة حرية وحياة.
فتحررت النساء بإيمانها بالمسيح من قيود إبليس على قدراتهم فاستطاعوا ان ينالوا حياة جديدة عندما نظروا لأنفسهم بعيون الرب لهم ،وقال عن عمل الصليب في إحدى مقالاته " يقول لنا صليب المسيح وتؤكد لنا قيامته أننا لسنا أشياء، وأن الله يحبنا جميعًا. وإن كانت هذه نظرة الله لنا؛ فكيف ينبغي أن تكون نظرتنا لبعضنا البعض".
فالمرأة عانت من التَشْييِء وفقدان قيمتها وكرامتها الإنسانية وهذا ما فعله إبليس والمجتمع لكن الرب في قصة الصليب رد لها الاعتبار وجعلها رسولة للرسل أنفسهم.