يوسف النجار
6/3/2024 12:00:00 AM
أراد الإله العظيم يهوة أن يصنع أمر رهيب، ويتخذ صور إنسان، ويتجسد من مريم العذراء، ففتش عن رجل أمين، رجل صالح وبار، رجل مطيع وقوي، فوجد من بين البشر، يوسف النجار، لكي يأتمنه على عمل دقيق ومهم لتنفيذ خطة إلهية محددة، لا يصلح غيره ان يقوم بهذة المهمة المقدسة العظيمة.
بينما العالم ممتلئ بالظلمة والشر، أراد الرب القدير أن يشرق فيحول الظلام إلى نور، والموت إلى حياة، ويصنع خلاصاً عظيما لكل البشر، فكان في مركز خطة التنفيذ رجل حكيم وبار اسمه يوسف، يذهب ليخطب مريم العذراء وهذا أيضاً في العرق اليهودي، زوجها رسمياً أمام القانون، وبينما هو فرح بأمرأته، يعرف إنها تحمل جنين في بطنها، فحسب الناموس اليهودي، جزاءها الرجم حتى الموت، فبما أن يوسف هو صاحب الشأن والمتضرر من الأمر أمام الناس، فكان عليه أن يذهب إلى الكهنة والقضاة، وييقدم شكواه فيتم بالحكم عليها بالرجم، ولكن أمتلأ بالرحمة ،متى ١:١٩ فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا.
فهو لم يشأ موتها، بالرغم انها تستحق امام بالشكل الظاهري، ولكن منحها حياة، وهذة كانت تطبيقاً عملياً لعملية الفداء، اذ ان الرب يسوع قد جاء ليمنح حياة لمن يستحقون الموت.
وهذا التصرف من يوسف النجار يظهر رحمته ومحبته، وبكل تأكيد كان يجول في خاطره صراع بين العدل والرحمة، بين العار الذي لحق به وبين محبته للعذراء مريم، فحسب ارادته الشخصية أراد تخليتها سراً،
وهنا الدرس الثاني، فقد كانت أرادة يوسف أن يتخلص من هذا العار بحسب عادة اليهود، ولكن هناك أرادة ومشيئة معاكسة من السموات، فقد ظهر له ملاك الرب
وقال له "٢٠وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:"يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ( مت 1: 20 )
فهنا صراع آخر بين الإرادتين، الأرضية والسماوية، فحسب الظاهر إذا قام بتخليتها سراً زال العار وحفظ حياة مريم من الموت، وأما إذا خضع للصوت السماوي فهنا ينكشف الأمر أمام الناس ويلحقه العار كرجل يهودي، ومريم سوف تموت، وكثيرا نحن ما يتم وضعنا في نفس وضع يوسف النجار، ويغمرنا الصراع بين العيان والايمان بين مشيئتنا الشخصية والمشيئة السماوية، ولكن مكتوب عنه "٢٤فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، (مت 1: 24) .
قد إختار يوسف إرادة ومشيئة الرب، وإن نم هذا سينم عن طاعته ومحبته وخضوعه للرب وحدة بصرف النظر عن الحسابات البشرية الظاهرية، وعن عواقبها وتبعياتها، فتحيَّة وإجلال لهذا الرجل الذي أراد دفع الثمن والتكلفة لكي يتبع الرب بالتمام فقد قال لنا الرب يسوع" حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ:"إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي،( متى ١٦:٢٤).
وبعد هذه الأمور يظهر يوسف طاعته وامانته ورعايته للطفل يسوع وذلك عندما أتى ملاك الرب و "ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:"قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ،(مت 2: 13) فكم كانت الرحلة ممتلئة بالمشقة والمخاطر، فعندما تجد مشيئة الرب من اجلك ممتلئة بالمشقة والمخاطر حسب الظاهر، فتذكر جيداً أن الله يأتمنك على دور مهم وعظيم في تنفيذ مشيئته فلا تتخلى عن دورك، بل قم به على أفضل حال وفي النهاية سوف تجد أمور عظيمه جداً قد حدثت بواسطتك، لم تكن منتبه لها منذ البداية.
فقد قدم يوسف النجار نموذج رائع جداً، للطاعة والمحبة والرحمة، وكأنه الجندي المجهول، الذي قد عمل عظيم جداً، في قصة فداء البشرية.