نساء الصليب(3) ... مريم أخت لعازر
6/3/2024 12:00:00 AM
تناولت فى المقالين السابقين " مريم المجدلية –مريم أم يوحنا مرقس – زوجة بيلاطس" ؛ أما فى هذا المقال ستكون سطوري عن "مريم أخت لعازر" ،وهى المرأة والتلميذة الوحيدة التى لم تذهب للقبر وذلك ليس خوفاً مثل التلاميذ الرجال بل فهماً لكلام المعلم ولأنها تتمتع بالتميز الروحي حيث شرح لهم عن موته فى (مر9 :32)" وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ"، وبالرغم من عدم فهمهم لم يسألوا بالرغم من أن هذه المرة الثانية التي يعلن فيها الرب معهم عن موته على الصليب، وقد دافع عنها المسيح عندما سكبت الطيب عند اقدامه في (مر14 :6)،(يو12 :3) وعرفنا أنها مريم أخت لعازر فى بيت عنيا وهى تختلف عن المرأة الخاطئة التى كانت فى بيت سمعان(لو7 :36).
مريم أخت لعازر ظهرت ثلاثة مرات،وكل مرة كانت عند قدمى المعلم " الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ " (لوقا 39:10)؛ ومن أعظم الدروس التي كرستها مريم في نفوس كل من دقق في شخصيتها والتي يمكننا أن نتعلمها منهاتتمثل في التالي:
- الأصغاء لكلام الرب: " وَكَانَتْ لِهذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، الَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَكَانَتْ تَسْمَعُ كَلاَمَهُ". لقد كان الطالب اليهودي يجلس عند قدمي مُعلمه يستمع لتعاليمه ففعلت ذلك . فالكثيرين يخدمون الرب يسوع، ولكنهم ينسون الجلوس عِنْدَ قَدَمَيْه. فهى تلميذة نجيبه لم تتعلم عند قدمى غمالائيل مثل الرسول بولس بل قدمي المعلم نفسه (أع32: 3).
- تسليم كامل للسيد: "فَمَرْيَمُ لَمَّا أَتَتْ إِلَى حَيْثُ كَانَ يَسُوعُ وَرَأَتْهُ، خَرَّتْ عِنْدَ رِجْلَيْه"(يو11 :32)، لقد كانت حزينة منسحقة الروح، ولكن يملأها الرجاء بقدوم المسيح وكما كانت عند قدميه تتعلم خرت عند رجليه لكي يعينها ويرفعها من حزنها فهو المجرب بالأحزان مثلنا.
- أكرام السيد: "فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ"(يو12 :3)، وهنا نجدها عند قدمي يسوع ولكنها تمسح قدميه بشعرها. فقد أدركت عمل الفداء وموت المسيح وسارعت لأكرام جسده وهذا ما أكده المسيح في (متى ۲٦: ۱۲) "فَإِنَّهَا إِذْ سَكَبَتْ هذَا الطِّيبَ عَلَى جَسَدِي إِنَّمَا فَعَلَتْ ذلِكَ لأَجْلِ تَكْفِينِي"، (مرقس ۱٤: ۸) "عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا. قَدْ سَبَقَتْ وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِي لِلتَّكْفِينِ" ، (يوحنا ۱۲: ۷ ) "فَقَالَ يَسُوعُ: «اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ".
صحّح يسوع تفكيرهم المغلوط، فصنيعها هذا لم يكن مُتلِفًا بل جميلاً. وليس ذلك فحسب إنما أتى في الوقت الأمثل، ما أجمل أن نعبر عن محبتنا لمن نحبهم مدام هناك فرصة لا يوجد إحساس معذب بقدر الندم على عدم التعبير عن محبتنا كما يجب بعد فوات الأوان.
فقد أدركت أن فرصتها هي الآن وإلا فاتتها إلى الأبد. وبدت محقّةً في ذلك، فالنساء اللواتي خطّطن لدهن جسده بالطيب بعد دفنه أعاقتهنّ قيامته عن فعل ذلك (مر16: 1 -6).
لقد جاءت نساء كثيرات بحنوط وأطياب عند موته لتكفينه لكن مريم سكبت عليه طيبها قبل موته. كان لديها الإيمان أنه سوف يموت بعكس التلاميذ الذين لم يقبلوا حقيقة آلامه وموته كان لديهم مشكلة حقيقة مع موت المسيح لأنهم سيفقدون سلطتهم التى استمدوها من قدراته المعجزية .
مريم أدركت هذه الحقيقة من جلوسها عند قدميه كما أدركت حقيقة قيامته (لو 24: 21).
ويذكر كل من متى ومرقس تعبيراً لم يرد هنا "حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها" (مت 26: 13 مر 14: 9).
ويرينا هذا أن:-
- الرب يسوع لا ينسى أبداً عملاً يُعمل نتيجة محبتنا له ورغبة في تمجيد اسمه.
- الأكرام الحقيقى يكون فى حياة الشخص فنحتاج أن نظهر له الحب والأهتمام قبل موت الأحباء بدل من الندم على فوات الأوان.
- قدمت مريم أغلى ما عندها قدمت لغات الحب من تلامس جسدى وهدايا ووقت والأصغاء والخدمة.