آراء و أقلام إنجيلية

تلميذا عمواس ورحلة التغيير

  • بقلم: ق. عيد صلاح

القيامة أعطت للبشرية قدرة على التحول (من، وإلى) وفي صورة ملموسة عاشتها الجماعة الأولى التي تلاقت مع خبر وحدث القيامة نجد أن القيامة أصبحت نقطة تحول كبيرة وانطلاقة عظيمة في حياة هذه الجماعة (التلاميذ/الكنيسة) فلقد تحول التلاميذ من الخوف إلى الطمأنينة والأمان قال لهم المسيح: "سلام لكم"، وتحول التلاميذ من الحزن إلى الفرح ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب، وانتقلت البشرية من الخطية إلى التبرير بناء على عمل المسيح في (تجسده، وصلبه وموته، وقيامته، وصعوده)، وخرجت الكنيسة من عزلتها وتقوقعها إلى الإرسالية العظيمة والتكليف المشرف " كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا." (يوحنا 20: 21).
وفي ضوء هذه الإمكانية التي أتت مع القيامة نقترب من تلميذي عمواس في رحلتيهما من (أورشليم إلى عمواس) حسب ما ورد في إنجيل (لوقا 24: 13-35) هذه الرحلة التي ظهرت روعتها وجمالها بإقتراب المسيح وسيره معهما في الطريق حيث كان يمشي معهما. في هذه الرحلة الذي أحتمل قصور تفكيرهما هذه الرحلة تمثل رحلتي ورحلتك ورحلة الإنسان في البحث وطرح الأسئلة من (اللايقين/الشك) إلى (اليقين/ الإيمان). تنقسم هذه الرحلة إلى أربع مراحل: المرحلة الأولى، التشويش والتوهان. المرحلة الثانية، الشرح والبيان. المرحلة الثالثة، الاقتناع والإيقان. المرحلة الرابعة، الإخبار والإعلان.
المرحلة الأولى هى التشويش التوهان
هذه مرحلة صعبة يفقد الإنسان فيها صوابه، ويفقد التمييز بين الصواب والخطأ، يتوه الإنسان وسط أفكار كثيرة متناقضة ومتضاربة، صورة تلميذي عمواس ظهرا على الطريق في مجموعة من الأفعال التي تبين الحيرة والإرتباك (يتكلمان، يتحاوران، يتطارحان، حيرنان) كان لهذا رد فعل على المزاج العام لهما (عابسين) ثم أمسكت أعينهما عن معرفته.
الحيرة والارتباك أثرت على المفاهيم الإيمانية وبالتالي صورة المسيح في ذهن تلميذي عمواس غير مكتملة: "يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ. وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ مَعَ هَذَا كُلِّهِ الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ. بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». (لوقا 24:19-24)
الصورة هنا عند تلميذي عمواس غير مكتملة، وعندما فقدت الصورة الصحيحة عن المسيح فقد معها أيضًا الرجاء وأصبحت الحياة عبثية والمستقبل مجهولًا. وهذا هو حال المرتبكين والمتشككين ومتقلبي الرأي.
المرحلة الثانية هي مرحلة الشرح والبيان
ماذا نفعل مع الحيارى وأصحاب الفكر المشوش؟ وما أكثر هولاء في المجتمع من حولنا في أسرنا في كنائسنا. ما أكثر الأسئلة التي تعبر عن نفوس مضطربة قلقة ماذا نفعل؟ وضع المسيح من خلال حواره مع تلميذي عمواس منهجًا عمليًا واضحًا وهو: الشرح والتفسير، البيان والإيضاح، التعليم الواضح المنظم حول من هو يسوع المسيح؟ فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ. (لوقا 24: 25-27).
يعلم المسيح سلطان الكلمة جيدًا، فهو من قبل أستخدم المكتوب وأنتصر وقت التجربة، وبعد القيامة يفسر المكتوب ويستدعيه للهداية والنصرة على الحيرة والأرتباك، والتشويش، وهو يدرك أنَّ للكلمة سلطان، وتفسيرها وإيضاحها، وبيانها أمر هام. الكتاب المقدس محوره المسيح، ورسالته هي الخلاص للجميع، أكد هذا الرسول بولس في رسالته إلى تلميذه تيموثاوس "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (2 تيموثاوس 3: 15).
وضع المسيح حجر الأساس للتفسير وللتوضيح، وهو أمر ليس بجديد عليه، فكان مرارًا وتكرارًا يفسر للتلاميذ، ما كان يصعب فهمه عليهم، من أمثال ومواقف صعبة. وهذا ما فعله أيضًا بعد القيامة وَقَالَ لَهُمْ: هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. (لوقا 24: 44-48).
هذه المواقف تبين لنا رسالة الكنيسة اليوم في المجتمع المصري الحائر، والمتخبط هو أن نفسر ونبين ونوضح، ولا نمل من ذلك، نعلم ولا نمل من التعليم. فما أكثر الحيارى والمرتبكين.
المرحلة الثالثة هي مرحلة الإقتناع والإيقان
قاد الشرح والتفسير والبيان الذي قام به المسيح مع تلميذي عمواس نتيجة لما كانا يعينان منه من تشويش وتوهان إلى اليقين والإقتناع وهذه خطوة هامة جدًا في تاريخ الجماعة الأولى التي تلاقت مع خبر القيامة. وهذا ظهر في أمرين هامين، وهما:
1- القلب الملتهب بكلمة الله، القلب الذي يتلامس مع كلمة الله، القلب الملتهب هو الذي يفهم كلمة الله، لديه القدرة على الإحساس، والإدراك، والتفاعل.
2- الأعين المفتوحة التي نفضت غبار الشك والحيرة، والتي لديها قدرة على الرؤية الصحيحة، والفكر الصحيح، والاتجاه الصحيح.
عندما تعمَّى العيون تُفقد الرؤية، وعندما تتحجر القلوب يفقد الإحساس. أهمية هذه المرحلة في حياة الإنسان (الإقتناع واليقين) هي الوصول إلى حياة النضج والمعرفة، والإختيار الصحيح والرؤية الصائبة.
المرحلة الرابعة هي مرحلة الإخبار والإيقان
هذه المرحلة هي ثمرة ونتيجة كل المراحل السابقة فلقد تغيرت الإتجاهات:
1- تغير الإتجاه المكاني من عمواس إلى أورشليم بدلاً من أورشليم إلى عمواس "فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ" (لوقا 44: 33)
2- انفتحت الأعين، وألتهب القلب، وعرفا التلميذان يسوع المسيح المقام من الأموات. "فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ أخْتَفَى عَنْهُمَا" فَقَالَ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ: «أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِباً فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي الطَّرِيقِ وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟» (لوقا 24: 31-32)
3- الإخبار بالرب المقام من الأموات "وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ وَكَيْفَ عَرَفَاهُ عِنْدَ كَسْرِ الْخُبْزِ." (لوقا 24: 35)
هذا التحول يجيء عن فهم، وعن رحلة طويلة كان لها الأثر في التحويل والتغيير، أساس هذا التغيير هو شخص الرب يسوع، والكلمة المقدسة، وكسر الخبز الذي كان علامة واضحة لعودة الوعي لدى تلميذي عمواس.
يا ترى في أي مرحلة نكون؟
- التشويش والتوهان،
- والشرح والبيان،
- الاقتناع والإيقان،
- الإخبار والإعلان. ليمنحنا الله ، القلب الملتهب، الأعين المفتوحة، وليساعدنا الله لنكون سببًا لهداية الآخرين، بالتوضيح والبيان، أمين.
فكرة كتابية: لوقا 24 فى هذا الاصحاح نجد اربع اشياء فتحت
اولا: القبر المفتوح من 1-12 وجد المريمات القبر فارع والحجر مدحرج والقبر الفارع والحجر المرفوع قادهم للشهاده والاخبار عن قيامة المسيح للتلاميذ
ثانيا: العيون المفتوحه والقلب الذى فتح من 13-35 وهو يتحدث عن تلمذى عمواس وكيف قادهم الرب لمعرفته والعيون المفتوحه قادتهم للرجوع مرة اخرى للشركة مع باقى التلاميذ والشهادة عن الرب
ثالثا: الذهن المفتوح 36-49 وهنا يظهر الرب لتلاميذه ويفتح ذهنهم بعدما يعلمهم وهذا قادهم للطاعه والانتظار فى اورشليم الى ان ينالوا موعد الروح
رابعا: السماء المفتوحه من 50-53 وهنا نرى المسيح يصعد للسماء بينما هو يباركهم وهذا قادهم للسجود (العبادة والفرح والتسبيح الدائم)
نجد ان الشى الذى جعل القبر مفتوح والعين تفتح والذهن يفتح والسماء تفتح وتحدث الشهادة والرجوع لشركة المؤمنين والطاعه والعبادة والسجود هو فهم الكلمة نجد ان التلاميذ يتحدثون عن تحقيق ما قاله الرب وشرح الرب لتلاميذه من موسى والأنبياء والكتب هو سبب فتح العين والقلب والذهن هو من حرك القلب والعقل والكيان نحتاج أن نفهم الكلمه ونتعلمها لأنها هى تفهمنا وتعلمنا وتحمسنا وتجعلنا نعبد عبادة مليئه بالفرح رغم وجود الخطر لابد ان نعود للكلمة النبوية فكما قال بطرس وعندنا الكلمة النبويه وهى أثبت برغم ظهور الرب الا أنه كلمهم وعلمهم من المكتوب فلا توجد إستنارة بدون المكتوب