آراء و أقلام إنجيلية

رجل البداية

  • بقلم: د.ق. خلف موسى

عندما يضع أحدهم أساس للبناء ، يَسهُل على الآخر إقامة المبنى، وعندما يمهد أحدهم الطريق يسهل على الآخر السير عليه، فكل التعب والمشقة وقعت على واضع الأساس، وعندما يكتمل البناء نمدح فيما ظهر منه فوق الأرض، وننسي أن الأساس هو الذي يحمل الكل، وهو سبب الإقامة، ولولا الأساس ما كان المبنى، وعندما ننظر إلى أساس إيماننا نجد إبراهيم.
إبراهيم هو أصل الإيمان، هو أبو الإيمان، وهو أبو المؤمنين من جهة الإيمان، هو رجل البداية الذي وضع أساس الإيمان، العبرانيين ١١:‏٨ بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ ‍لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي" .. لو سألنا عظماء الإيمان اليوم،على ما بنيتم إيمانكم؟،فسوف يقولون على إيمان ابراهيم، وايمان الأنبياء، وإيمان كل من قرأنا عنهم وشاهدناهم وسمعنا إختباراتهم الحية.
ولكن لو وجهنا نفس السؤال لإبراهيم على ما بنيت إيمانك؟ هل كان من هو قبلك تعلمت منه؟، هل سمعت يوما أحدهم يقص لك حدث رهيب إختبره شخصياً؟، هل قال لك شخصّ ما إنه سمع صوت الرب يكلمه؟ هنا سوف تكون إجابة إبراهيم قطعاً لا يوجد أحد علمني معنى الإيمان، ولا يوجد من كتب لي كتاباً يحكي لي عن إيمانه وحياته مع الله.
وهنا نجد الصعوبة، لإنها البداية، لإنه وضع بنفسه أساس البناء، ولم يعاونه أحد، فيا صعوبة الموقف، فعندما يتحدث إليه الله قائلاً." "‍خُذِ ‍ابْنَكَ ‍وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ".تكوين ٢٢:‏٢ .. فمن قال له هذا صوت الله؟ ومن ألزمه بالطاعة الكاملة؟ ومن طمئن قلبه وقال له الله يستطيع كل شيء، انه يقف بجانبك في محنتك، ولا يتركك، للأسف لا أحد، ولم يكن لديه كتاب مقدس ليقرأه.
وهنا نجد إبراهيم رجل البداية، الذي وضع الأساس المدفون العميق، الذي لم يراه أحد وقد نكون غافلين عنه، كما ذكرت سالفاً لا بناء بدون أساس، فكل ما نحن عليه الآن، من عظمة إيمان، وآيات ومعجزات و إظهارات، هو المبنى على إيمان إبراهيم، "مَبْنِيِّينَ عَلَى ‍أَسَاسِ ‍الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،" أفسس ٢:‏٢٠.. يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ ال‍أَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ سَيْلٌ صَدَمَ النَّهْرُ ذلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُزَعْزِعَهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّسًا عَلَى الصَّخْرِ. لوقا ٦:‏٤٨
إننا لم نر إبراهيم ولكننا نكن له كل الفضل والإحترام، فقد وضع من أجلنا عمل جليل ورهيب، بهذا العمل نتقدم اليوم وتزداد معرفتنا بالله، فليكن كل واحد منا إبراهيم، فحياة إبراهيم ممتلئة بحياة الإيمان والتحدي والطاعة، فهو قدوة حسنة لنا .