عوبديا ... الخدمة في الخفاء
8/19/2024 12:00:00 AM
معنى إسمه "عبد يهوة" أو "خادم يهوة"، لم يذكر الوحيً عنه كثيراً، ولكنه ترك أثر عظيم وواضح، و قام بدوره على أتم وجه، إنه عوبيديا العظيم، يقول عنه الوحيً،
"فَذَهَبَ إِيلِيَّا لِيَتَرَاءَى لأَخْآبَ. وَكَانَ الْجُوعُ شَدِيدًا فِي السَّامِرَةِ، ٣فَدَعَا أَخْآبُ عُوبَدْيَا الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ، وَكَانَ عُوبَدْيَا يَخْشَى الرَّبَّ جِدًّا" ( 1 مل 18: 2 )
عند النظر والتمعن في الظروف المحيطة بعوبيديا نجد أن، هناك ملك شريرله زوجة شريرة جداً، ومن حولهم أنبياء البعل، قاما بقتل أنبياء الرب، وهنا نجد عوبيديا الوحيد في وسط هذا الشر العظيم مازال متمسك بالرب، ويتبع وصاياه، فالكل والأغلبية العظمي، يتبعون تعاليم الشيطان، وأما عوبيديا فقرر أن يسبح ضد التيار بمفرده، ولم يغر من الأشرار، ولم يؤثروا فيه ولا إستطاعوا تغييره، بل يذكر عنه الوحيً، انه كان يخشى الرب جداً، أي يخاف الرب جداً، أي يتبع وصاياه بكل دقة، وهنا تظهر أمانة عوبيديا للرب أولا ثم لمن هم حوله، وهذة النقطة الثانية، فقد ذُكِر في الآية السابقة إنه كان على بيت آخاب، أي مدبر ومدير على أعماله، ولو فكرنا قليلاً في صفات الرجل الذي يأتمنه الملك على بيته، لوجدنا الكثير والكثير، فأولها الأمانة، وبعدها الصدق وحُسن التدبير والحكمة وقوة الشخصية والطاعة وغيرها من الصفات الكثيرة .
ونلاحظ أيضاً ان من الظروف المحيطه به "جوع شديد" ، أي مجاعة، وهنا اريدك أن تطلق عنان أفكارك قليلاً، وأضعك في نفس الظروف الخاصة بالمجاعة، وأسألك عن ماذا سوف تكون قرراتك وتدابيرك؟
أعتقد أنك سوف تقول " إن إهتمامي الأول والأخير بأسرتي"، فالموت يحيط بالكل وفي كل مكان، سوف يقوم المرء بتأمين أسرته أول كل شيء، ولكن أنظر ماذا فعل هذا الرجل العظيم؟
يقول الكتاب "وَكَانَ حِينَمَا قَطَعَتْ إِيزَابَلُ أَنْبِيَاءَ الرَّبِّ أَنَّ عُوبَدْيَا أَخَذَ مِئَةَ نَبِيٍّ وَخَبَّأَهُمْ خَمْسِينَ رَجُلاً فِي مُغَارَةٍ وَعَالَهُمْ بِخُبْزٍ وَمَاءٍ. (1 مل 18: 4)
وهنا نجد خدمة في الخفاء، لم يمدح أحدهم عوبيديا، ولم ينتظر عوبيديا مكافئة خاصة على ما فعل، بل لأنه يخاف الرب قد فعل ما لم يفعله أحد، فقد قام بتخبئة مئة نبي للرب في مغارتين وكل مفارة بها خمسين نبي وقام بإعالتهم كل يوم بخبز وماء، فكان مطلوب من عوبيديا كل يوم مئة رغيف خبز و مئة كوب من الماء، على أقل تقدير، أي إسبوعياً مطلوب سبعة مئة رغيف خبز وسبعة مئة كوب ماء، أيضا على أقل تقدير، فالأمر ليس هيناً، بل مكلف جداً، وكما ذكرنا سالفاً، هناك مجاعة عظيمة، فكان بالأولى أن يهتم عوبيديا بأسرته، بل فضل أن يهتم بأنبياء الرب ويعولهم مهما كانت التكلفة.
ولكن هنا السؤال الخطير جداً، ماذا لو عرفت إيزابل وآخاب عما فعله عوبيديا؟، فقد تكون الإجابة المؤكدة أنه سوف يتم قتله في الحال، لأنه يعمل ضد إرادة الملك والملكة الأشرار، وعلى أقل تقدير، انه سوف يفقد وظيفته المرموقة، وبالتالى سوف يفقد الدعم المالي والمعنوي في ظروف قاسية.
هذا الرجل العظيم لم يخدم فقط في الخفاء، بل ان خدمته أيضاً مضحية وبازلة، فقد وضع نفسه من أجل الرب ولم يهتم بالنتائج، كما قال بولس الرسول "وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.( اعمال الرسل ٢٠:٢٤ )
وأخيراً لم يسطر الوحيً الكثير عن حياة وخدمة هذا الرجل، ولكني بكل قوة وتأكيد أستطيع أن أقول أن هذا الرجل قام بما أراده الرب منه، وكان هذا دوره في الملكوت والمشيئة الإلهية، فقد تكون خدمتي صغيرة وغير ظاهرة ولم يعلم عنها الكثيرين ولكني أخدمها كما يجب أن تُقَدم، ولو لم يمدحني أحد