آراء و أقلام إنجيلية

لوئيس الجدة

  • بقلم: ق. رفعت طنيوس بدروس

كلمات قلية أو قل كلمة واحدة ترد في كلمة الله، تقودنا لمعرفة أمور كثيرة. مما يجعل كلمة الله غير محدودة في المعنى والمضمون. وهذا ينطبق تمامًا على "لوئيس الجدة" أو "مسكن الإيمان". كما سنعرف من صفات تتفرد بها شخصيتنا التي نتأمل حياتها لنعتبر. ونجد أن وعد الرب يتحقق في حياتها كما جاء في كلمة الله:"وَالآنَ يَقُولُ الرَّبُّ: ‍حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ."(1صم 2: 30). أكرمت الرب في حياتها وبيتها. فأكرمها الرب بذكر اسمها لتتعرف عليها أجيال بشرية. لأن: "الصِّدِّيقُ يَكُونُ ‍لِذِكْر أَبَدِيٍّ "(مز112: 6).
يرد ذكر "لوئيس" مرة واحدة في كلمة الله. وذلك ضمن كلمات التشجيع التي كتبها بولس الرسول لأبنه الصريح في الإيمان تيموثاوس، يقول الرسول بولس:" إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا"(2تي1: 5). وأيضًا يؤكد لوقا الطبيب في سفر الأعمال وهو يسجل النشاط الكرازي للرسول بولس. فيقول:" ثُمَّ وَصَلَ إِلَى دَرْبَةَ وَلِسْتَرَةَ، وَإِذَا تِلْمِيذٌ كَانَ هُنَاكَ اسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ، ابْنُ امْرَأَةٍ يَهُودِيَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلكِنَّ أَبَاهُ يُونَانِيٌّ،"(أع16: 1)، من هذه الكلمات نستقي معلوماتنا عنها. فهي يهودية تعيش في مدينة لسترة. لها بنت تُدعى أفنيكي. فهم قد ربحهم للرب ولحياة الإيمان الصادق الرسول بولس في زيارته لمدينة لسترة، ولها حفيد الذي هو تيموثاوس الذي بحياته أضاء مصباح المعرفة الإيمانية للكشف عن عظمة أسرته.
فأفراد الأسرة الذين جاء ذكرهم في كلمة الله [لوئيس. وتعني مرغوبة، أفنيكي. وتعني المنتصرة بقوة. وتيموثاوس. يعني الخائف الله]. يا لها من اسرة رائعة. لكن لا نعلم شيء عن زوج لوئيس. ونعرف فقط أن زوج أفنيكي (يوناني) أي أممي. ولم يذكره الرسول بولس. ولا نعلم قبل الإيمان بالرب يسوع أم لا؟!، وهل فارقهم وانفصل عنه ليعيش حياته الخاصة؟ أم مات. فما صمت عنه الكتاب المقدس لا نتكلم فيه.
+ لوئيس. واخطاء الماضي. فهي يهودية تعرف الكتب المقدسة. إلا أنها في تهاون زوجت أبنتها لرجل أممي. دون تدقيق أو تحفظ، وفي عدم تمسك بالوصية التي لا تبيح الزواج من الغرباء عن الهوية. كما فعل نحميا بعد الرجوع من السبي. فنقرأ:" وَانْفَصَلَ نَسْلُ إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ بَنِي الْغُرَبَاءِ،"(نحميا9: 2). هذا ما فعله نحميا ليقدس الشعب لعبادة الله واتباع طريقه. وهذا ما أكده أيضًا الرسول بولس للكنيسة لتعيش حياة نقية في مخافة الرب:" لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟"(2كو6: 14).
+ لوئيس. الجدة. تنفرد لوئيس بهذا اللقب. مع أن هناك الكثيرات نظيرها في حياة الأبناء في كلمة الله، إلا أن هذا اللقب يقودنا إلى أهمية دورها المؤثرة في حياة أسرتها. فهي تغلبت على ظروف الحياة القاسية بعد أن فقدت الزوج العائل، وأصبحت هي المسؤولة عن ابنتها التي انفصلت عن زوجها لسبب نحن نجهله. مما أثقل كاهلها. وأيضًا الحفيد الذي رأت فيه المستقبل. فضمت أسرتها في حضنها إذ طبقت الوصية الإلهية في بيتها. فكانت " تُرَاقِب طُرُقَ أَهْلِ بَيْتِهَا، وَلاَ تَأْكُلُ خُبْزَ الْكَسَلِ."(أم31: 27). فتغلبت على ظروفها الحياتية بالإيمان الواثق في معية الرب الذي سلمت له الحياة والمستقبل. كما أنها الجدة أي الأصل. أصل الشجرة المثمرة. نعم فكلمة الله تعلن:" أَيْضًا يُثْمِرُونَ فِي الشَّيْبَةِ. يَكُونُونَ دِسَامًا وَخُضْرًا،"(مز92: 14).
+ لوئيس. مسكن الإيمان. فعندما يذكر الرسول بولس ويقول:" الإيمان...الذي سكن". حقًا أنها عبارة قوية المعنى والمضمون. فالرسول بعبارته هذه شبه الإيمان بشخص وقلب لوئيس أصبح منزل يصلح للسكن. فالرسول بولس أراد أن يقول: أن لوئيس أصبحت بيت للإيمان. أي قلبها امتلكه الإيمان النقي. تعبير يدل على مدى صدق الحياة. حتى أنه وصفه بالإيمان عديم الرياء. وبإيمانها الواثق نظرت إلى المستقبل في الحفيد تيموثاوس، والذي رأت فيه رجل الغد. فهي تريد أن تراه الرجل الناجح والمبارك. فصلاتها وشعارها مع يوحنا الشيخ " أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ."(3يو2). فهي كانت تنشد فرح نجاح الإيمان الحق للحفيد. لأن بذلك تصير الأسرة في غبطة وسلام. ففيه تتم كلمات سليمان الملك الحكيم إذ قال:" أَبُو الصِّدِّيقِ يَبْتَهِجُ ابْتِهَاجًا، وَمَنْ وَلَدَ حَكِيمًا يُسَرُّ بِهِ. يَفْرَحُ أَبُوكَ وَأُمُّكَ، وَتَبْتَهِجُ الَّتِي وَلَدَتْكَ."(ام23: 25-26).
+ لوئيس. المُتعلمة والمُعلمة. نعم تعلمت درس قاسي من زواج أبنتها، وما حصدوه من مرارة بسبب الارتباط الغير متوافق. فلم تجعل التجربة تفقدها المستقبل. لذلك صبت كل تركيزها في ضم أبنتها وحفيدها. كانت رفيقة وصديقة لأبنتها، والفصل المدرسي الحاضن لحفيدها. فهي المُعلمة لأصول الإيمان له، بحياتها قبل كلماتها. فطبعت الصورة النقية في الحفيد من خلال كلمة الله (الكتب المقدسة). نعم فيها طبقت قول الكتاب عن لموئيل ملك مسا: ".. عَلَّمَتْهُ إِيَّاهُ أُمُّهُ"(أم31: 1). كما أنها تعلن وتناد بصوت عالٍ للأمهات في إيامنا هذه. احفظوا أولادكم في مخافة الله. من خلال حفظ وتعلم معنى الوصية الإلهية الواردة في الكتب المقدسة. فالرسول بولس يحرضنا أن نهتم بطريقة تعاملنا مع أولادنا، ويقول:" وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ ‍رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ"(أف6: 4). فليساعدنا الرب لنضمن أولادنا وأحفادنا في مخافة الرب. أمين.