آراء و أقلام إنجيلية

القلب في الكتاب المقدس

  • بقلم: ق. رفعت طنيوس بدروس

عند دراستنا لكلمة الله نجد أن هناك معان كثيرة وواضحة استخدم الوحي فيها المعنى المجازي (للقلب) لوصف مشاعر الإنسان وصفاته. فقد جاء لفظ القلب بمعنى:-
1- العقل- الذهن.
"وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ"(تك 6: 5)، وأيضًا ما قيل عن مريم العذراء " وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا" (لو 2: 19)، ويقول الوحي في سفر الرؤيا "هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ!(رؤ17: 9). وهــذا القول لا ينطبق على عضلة القلب، بل هو إدراك وتفكير وحكمة تشير إلى عقل الإنسان.
2- العواطف"
صَلَّتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: "فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. (1صم 2: 1)، وأيضًا " طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ"(1بط 1: 22). وهنا المشاعر الإنسانية بكل معانيها الجـميـلة الشـخصية كالفـرح، والطهـر في الحـياة الاجتماعية بالمحبة القوية مكانها ومصدرها القلب.
3- الإرادة:
"أَمَّا دَانِيآلُ جَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ،.(دا1: 8)، وأيضا ما جاء في العهد الجديد " الَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ اللهِ فَرِحَ، وَوَعَظَ الْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الرَّبِّ بِعَزْمِ الْقَلْبِ.(أع 11: 23). أي اتخاذ القرار الصحيح لمجد الله والإصرار على تنفيذه، وهذا لا يتأتى إلا بقوة " الإرادة " العزيمة القلبية الإيمانية.
4- الضمير:
وَكَانَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّ قَلْبَ دَاوُدَ ضَرَبَهُ عَلَى قَطْعِهِ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ"(1صم 24: 5)، وهذا ما يعلنه أيوب البار" تَمَسَّكْتُ بِبِرِّي وَلاَ أَرْخِيهِ. قَلْبِي لاَ يُعَيِّرُ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِي. (اي27: 6). تشبيه بلاغي رائع الجمال وقوي المعنى بأن قلب الإنسان الذي هو(ضميره) أصبح إنسان يستطيع أن يضرب ويوبخ على الأفعال الصادرة من الإنسان.
القلب أي "الإنسان" = فكر نقي، عواطف نقية، إرادة نقية، تصدر من ضمير نقي. لذلك كان طلب الرب الوحيد من الإنسان" يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي". (أم 23: 26). لأن من القلب مخارج الحياة (أي التصرفات).
من خلال ما تقدم نرى أن أقرب تعبير يشير إلى تعريف قلب الإنسان هو الضمير، فكل فكر أو تصرف للإنسان نابع من قلبه أي (ضميره)، الذي أبدى رضاه أو رفضه لهذا الفكر أو التصرف، فالضمير سلطة إصدار الحكم، ولكن للإنسان أن يقبل أو يرفض هذا الحكم، فما موقف الضمير؟!