ضمير صالح!

• بقلم: ق. رفعت طنيوس بدروس

2/3/2025 12:00:00 AM

كان الرسول بولس يحتج أمام رئيس المجمع على تصرف اليهود معه، ولماذا يعامل تلك المعاملة القاسية والبغيضة، فيعلن لهم:" فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي الْمَجْمَعِ وَقَالَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلَّهِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. (أع 23: 1)، وورد أيضًا تعبير الضمير الصالح في(تي 1: 5، 19) وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ. وَلَكَ إِيمَانٌ وَضَمِيرٌ صَالِحٌ، الَّذِي إِذْ رَفَضَهُ قَوْمٌ، انْكَسَرَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ أَيْضًا"، وهكذا يطلب " صَلُّوا لأَجْلِنَا، لأَنَّنَا نَثِقُ أَنَّ لَنَا ضَمِيرًا صَالِحًا، رَاغِبِينَ أَنْ نَتَصَرَّفَ حَسَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ.(عب 13: 18) وأيضًا الرسول بطرس يقول:" وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ... الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ. لاَ إِزَالَةُ وَسَخِ الْجَسَدِ، بَلْ سُؤَالُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ عَنِ اللهِ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،.(1بط 3: 16، 21 ).
ضمير صالح.. هو تعبير رائع عن شخص يعيش مدقق في تصرفاته، من أفعال وأقوال لكي يرضي الله ويظهر ذلك للناس.
الضمير الصالح هو الميزان الحساس الذي يزن كل تفاصيل الحياة بالمقاييس الإلهية، فهو لا يقبل شيئًا يتعارض مع المكتوب، ولا يشعر براحة لأبسط أمر لا تُصادق عليه كلمة الله. وهو يحتاج لتدريب مستمر في حضرة الله. وفوائد الضمير الصالح كثيرة ومنها:-
+ يشجع المؤمن على الصلاة من أجل الآخرين، ومن أجل نفسه.
لأنه يريد أن يتصرف التصرف الصحيح. " صَلُّوا لأَجْلِنَا، لأَنَّنَا نَثِقُ أَنَّ لَنَا ضَمِيرًا صَالِحًا، ‍رَاغِبِينَ أَنْ نَتَصَرَّفَ حَسَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ.(عب 13: 18).
+ يمنح صاحبه شجاعة، ويمكّنه من الشهادة أمام الآخرين بلا خوف أو خجل.
هكذا كان بولس في شهادته أمام الوالي فيلكس، وهو يتحدى المشتكين عليه إن كان بإمكانهم أن يثبتوا أي ذنب ضده، لأنه يدرب ضميره على السلوك بالمكتوب " ‏وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ.(1بط 3: 16).
+ يُمكِّن المؤمن من احتمال الاضطهاد بشجاعة، دون أن يخاف أو يخور، بل تقوَّ بالطمأنينة التي لحياته المقدسة للمسيح في قلبه،
والرجاء الراسخ في مسيرة حياته وسيرته الصالحة في المسيح " ‏وَلكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا، بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ، وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ.(1بط 3: 14-16).
+ لا غنى عنه في الصراع الروحي الذي يخوضه المؤمن ضد أجناد الشر الروحية في السماويات،
فمتى كان سلوك المؤمن يتصف بالبر العملي والحرص الشديد على تجنب كل تصرف خاطئ، فهذا يمكّنه من الثبات. فيقول الرسول بولس " لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ.( أع 24: 16).
+ الضمير الصالح يجعل المؤمن واضحًا في كل تصرفاته، فلا يسعى لإخفاء أمور معينة في حياته.
هكذا كان الرسول بولس في سلوكه " لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: ‍شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ. (2كو1: 12). فلأنه حرص على الضمير الصالح فقد تميزت حياته بأمرين: البساطة أي لم يكن عنده شيء يريد أن يستره، والإخلاص أي نقاوة الدوافع وخلوها من كل أغراض ذاتية.