آراء و أقلام إنجيلية

امتحانات الهية في الحياة الروحية

  • بقلم: د.ق. يوسف بخيت

عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. (يعقوب ١: ٣)
علينا أن ندرك ان هناك امتحانات في الحياة الروحية أيضا وكل مؤمن لابد له أن يجتاز في امتحان منها ووقتها اما ان تكون ناجح ومزكي أو راسب في الامتحان مع الأسف.
وإليكم بعض أنواع الامتحانات كما جاءت في كلمة الله :
اولا: امتحان المحبة وطاعة الإيمان:
" وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: يَاإِبْرَاهِيمُ! فَقَالَ: «هأَنَذَا». (تك ٢٢: ١)
اختبر الله إخلاص إبراهيم وصدق إيمانه وولائه، كان هذا اختبارًا صعبا لإيمان إبراهيم. كان إبراهيم وزوجته سارة في سن متقدمة. لم يكن بإمكانهما إنجاب المزيد من الأطفال. رغم ذلك، أطاع إبراهيم أمر الله، وسافر لمدة ثلاثة أيام إلى الجبل المخصص ليقدم ابنه الحبيب كذبيحة محرقة. ولقد منعه ملاك الرب من ذبح ابنه، قائلًا: "لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي" (تك 22: 12). اجتاز إبراهيم بنجاح هذا الاختبار الصعب لإيمانه. ونتيجة لذلك، باركه الرب كثيرا، قائلاً: "بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي" (تكوين 22: 16-18).
ولقد نجح إبراهيم في طاعته للرب، ومحبته له من كل القلب ، لذا رجع باسحق حيا ومعه كل البركات أيضاً.
ثانيا: امتحان اﻻحتياج في هذا الزمان:
"ثُمَّ ارْتَحَلَ مُوسَى بِإِسْرَائِيلَ مِنْ بَحْرِ سُوفَ وَخَرَجُوا إِلَى بَرِّيَّةِ شُورٍ. فَسَارُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الْبَرِّيَّةِ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً. وَهُنَاكَ امْتَحَنَهُ. (خر ١٥: ٢٢، ٢٥)
وجود الاحتياج في الحياة أحيانآ بيكون امتحان لنا، هل سنثق في الرب انه يسدد الاحتياجات أم سنركز علي الاحتياج ونتذمر كما فعل شعب إسرائيل مع الأسف وفشلوا في كل الامتحانات التي اجتازوها.
الله قادر على توفير كل احتياجاتك لم يقل بعض احتياجاتك. بل قال كل احتياجاتك، لذلك فإن الله أمين لتوفير جميع احتياجاتك كل ما عليك فعله هو أن تسأله بإيمان وتؤمن بقلبك أنه سيفعل ذلك من أجلك، ولا تشك في قدرة الرب على بتوفير كل احتياجاتك.
اذكر لكم قصة الأرملة التي ذهب إليها إيليا النبي على سبيل المثال فيقول وكان لها قليل من الدقيق و قليل من الزيت، وطلب إيليا منها أن تصنع له كعكة صغيرة أولاً فكانت إجابتها هي أن ما تبقّى إنما هو ملء كف من الدقيق وقليل من الزيت لها ولابنها ليأكلاهما ثم يموتا من العوز والجوع. ولكن تكلم إيليا لها بإيمان أن "كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص"(1مل17: 14). كان من الممكن لهذه المرأة ألا تصدق كلام إيليا أو تتمسك بوعد الرب إلا إنها غامرت بإيمان وطرحت الخوف من العوز جانباً وصنعت لإيليا الكعكة الصغيرة أولاً فانتصرت على الاحتياج وتمتعت بغنى الرب وتسديده لاحتياجها.
ثق في الرب يسوع المسيح انه يسديد لك احتياجاتك، فهو يريد أن يكون شافيك ومعزيك ومصدر كل حكمة وسلام وفرح وكل ما تحتاج إليه. اثبت في نعمته وغفرانه ومحبته ورحمته وقوته وثق أنه عاضدك وهو الراعي الصالح.
ثالثًا: امتحان الشبع يقود للنسيان:
" فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَا أَنَا أُمْطِرُ لَكُمْ خُبْزًا مِنَ السَّمَاءِ. فَيَخْرُجُ الشَّعْبُ وَيَلْتَقِطُونَ حَاجَةَ الْيَوْمِ بِيَوْمِهَا. لِكَيْ أَمْتَحِنَهُمْ، أَيَسْلُكُونَ فِي نَامُوسِي أَمْ لاَ. (الخروج ١٦: ٤)
هل سمعت قبلا عن امتحان الشبع ، نعم هناك أوقات يعطي الرب لأشخاص عطايا كثيرة وغني، ولا يدري الكثيرين ان هذا امتحان لهم لكي يرى الله كيف سنتصرف في عطاياه؟
وَتَكَلَّمَ الشَّعْبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى مُوسَى قَائِلِينَ: «لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ؟ لأَنَّهُ لاَ خُبْزَ وَلاَ مَاءَ، وَقَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ».(العدد ٢١: ٥)
الطَّعَامَ ٱلسَّخِيفَ أي الذي لا يُكترث به. استخف الشعب بالمن الذي قدمه الرب من السماء وكان رمزاً إلى المسيح أو الطعام السماوي من خلال كلمة الله المشبعة.
لذلك يعجبني صلاة هذا الرجل أجور بن متقية مسا فقال في صلاته في الأمثال ٣٠ : ٨ أَبْعِدْ عَنِّي الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ. لاَ تُعْطِنِي فَقْرًا وَلاَ غِنًى. أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي، ٩ لِئَلاَّ أَشْبَعَ وَأَكْفُرَ وَأَقُولَ: «مَنْ هُوَ الرَّبُّ؟» أَوْ لِئَلاَّ أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ وَأَتَّخِذَ اسْمَ إِلهِي بَاطِلاً.
كان طلب أجور أن لا يكون لديه فقر كثير أو غنى كثير. أراد أن يكون قانعًا بتدبير الله في حياته فقال أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي: “لكن يوجد طعام آخر ضروري. إنه الخبز اليومي للمحبة والرجاء والفكر المقدس والشركة.
وكلمة أَكْفُرُ تعني (أدنّس اسم الله): لم يُرِد أجور فقرًا ولا غنى على أساس القلق من أن أيًّا منهما في شكله المتطرف قد يؤدي به إلى تدنيس اسم الله (وأكفر). لم يُرِد أن ينكر الله بغطرسة لأنه أحس بأنه غني جدًّا بحيث لا يحتاج إلى الله. ولم يُرد أن يكون فقيرًا جدًّا بحيث يستخدم الفقر المتطرف هذا كعذر للخطية (لِئَلَّا أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ). فأيّ مسار منهما تدنيس لاسم الله (وَأَتَّخِذَ ٱسْمَ إِلَهِي بَاطِلًا).“
هل ستكون صلاتنا كما علمنا الرب يسوع بأن نطلب : “خبزنا كفافنا أعطنا اليوم”
رابعا: امتحان الصبر واﻻحتمال في قسوة الإنسان:
من مظاهر القساوة البشرية قد تكون كلمة او نظرة او معاملة قاسية وقد تكون عقوبة قاسية وتوبيخ قاسي ... الخ
وقد تصدر القسوة في محيط الأسرة من أبٍ يخطئ في فهم أسلوب التربية السليمة ويظن أن الحزم في تربية أبنائه يعني القسوة عليهم لكي يتأدبوا !! وهكذا يضيّق عليهم في كل شيء.
وأحيانًا تحدث القسوة من زوج ضد زوجته باعتباره رب البيت وله سلطان على الزوجة، فيهينها ولا يعاملها برفق.
وربما تحدث القسوة من مدير قاسٍ ضد موظفيه أو مرؤوسيه في مجال العمل.
وقد حدثت القسوة بين الأخوة قديما " أَرْسَلَ أَمَامَهُمْ رَجُلاً. بِيعَ يُوسُفُ عَبْدًا. إِلَى وَقْتِ مَجِيءِ كَلِمَتِهِ. قَوْلُ الرَّبِّ امْتَحَنَهُ. ( مزمور ١٠٥: ١٧، ١٩) ️
يالروعة هذا الشاب المبارك يوسف الذي نجح وبجدارة في كل الامتحانات التي اجتاز فيها.
دعني اقول لك احتمل غيرك في وقت ضعفه وفي وقت خطئه وقسوة قلبه وحاول أن تكسبه بطول البال وبالصفح والغفران وبسعة الصدر والصلاة لاجله فلا شك انه سيندم على ما أساء به إليك مع مرور الأيام.
يساعدنا الرب أن نتعلم من الرب يسوع ومن يوسف الشخص المبارك.
خامسا: امتحان الثقة امام العيان :
"فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ:«مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟» وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. (يوحنا ٦: ٥ و ٦)
كان هذا الامتحان لفيلبس ليعلم الرب مدى ثقته فيه وللأسف كان رده يدل على ثقة ضعيفة في الرب ، ولكن كان هناك اندراوس اخو سمعان بطرس الذي أعلن إيمانه في الرب الذي يستطيع أن يفعل المعجزة.
الإيمان الذي يقابل اصعب المشاكل والضيقات بقلب ثابت معتمد علي الرب يسوع المسيح الذي يحبه ويقول ” أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” هذا الإيمان لا يتزعزع امام الصعاب والتحديات.
امتياز لنا أن نعتمد علي الله بإيمان راسخ مهما كانت الظروف حولنا،
اصلي أن يعيننا الرب على اجتياز امتحاناتنا بنجاح ، وتكون النتيجة في النهاية ناجح بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.
أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ. (٣ يوحنا ١: ٢)