آراء و أقلام إنجيلية

التسرع في حياة الإنسان

  • بقلم: د.ق. يوسف بخيت

إذا يا إخوتي الأحباء، ليكن كل إنسان مسرعا في الاستماع، مبطئا في التكلم، مبطئا في الغضب، (يعقوب ١: ١٩)
لا تكونوا كفرس أو بغل بلا فهم. بلجام وزمام زينته يكم لئلا يدنو إليك». (مزمور ٣٢: ٩)
نرى في إحدى صفات الفرس التسرع غير المنضبط، فلكي يروض ويفيد وضع قائده له لجاما يقاوم به تسرعه وطيشه.
فالحيوان يزين بزمام ولجام وفي الوقت ذاته يقاد بهما لكي يخدم الإنسان ويمنع ضرره. وعلى الإنسان أن يكم ذاته على الأقل. فهو يتميز عن الحيوان أنه يجب أن يقبل التعليم والإرشاد.
ومن العجيب أن هذا التشبيه ورد في الجزء الذي يعلمنا كيف نأخذ قراراتنا وكيف نتصرف وكيف نختبر إرادة الله. «أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك. عيني عليك. (مزمور ٣٢: ٨)
فنحن نحتاج لمعاملات إلهية تحكم قراراتنا وتوجهنا لأن التسرع مُدِّمر وله من المخاطر الكثيرة علينا وعلى من هم حولنا وإليك بعض صور التسرع في حياةالإنسان:
1 - التسرع في الكلام
٢- التسرع في الغضب
٣ - التسرع في الاختيار
٤- التسرع في الخلاص من التجربة
٥- التسرع إلى الغنى
٦ - التسرع في العبادة
٧ - التسرع في الدفاع
٨ - التسرع في الزواج
٩ - التسرع في أخذ القرارات
أولا: التسرع في الكلام:
الكلمات ليست مجرد أصوات تصدرها أفواهنا لتشكيل الهواء الذي يمر عبر الحنجرة. الكلمات لها قوة حقيقية. لقد خلق الله العالم بقوة كلامه (عبرانيين 11: 3).
لذلك يجب أن ننتبه إلى كلماتنا فيقول الكتاب المقدس ( أرأيت إنسانا عجولا في كلامه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به. (الأمثال 29: 20)
من اللياقة في التعامل أن نستمع جيداً للآخرين وأن نعطيهم فرصة للحديث وألا نقاطعهم. لكن هناك أشخاص يعتقدون بأهمية أحاديثهم وكثرة ما عندهم فتجدهم ليس عندهم وقت للاستماع ويتكلمون بكثرة وبسرعة.
عزيزي القارئ انتبه للكلام خطورة ليس على المستوى الفردي فقط لكن أيضاً على المستوى الجماعي ، فقد نتكلم بكلام يجرح الآخرين وتكون النتائج سلبية ومدمرة.
لاحظ دائما كلماتك التى تخرج من فمك والتى تنطق بها. كلماتك هى اناء اما ان تمتلئ بالايمان او تمتلئ بالخوف والشك والانزعاج.
واليك هذه الملاحظات التالية:
١- الكلام والتدمير:
كلماتنا لها قوة الهدم وقوة البناء يقول لنا كاتب سفر الأمثال: الموت والحياة في يد اللسان، وأحباؤه يأكلون ثمره. (الأمثال ١٨: ٢١) للكلمات تأثيرها القوى فى مسار أى علاقة، وليست التصرفات فقط، خاصة إن قيلت هذه الكلمات وقت غضب، فالكلمة قد ترفع شخصاً للسموات أو تنزل به لأسفل سافلين، فهل نستخدم الكلمات لبناء الناس أم لتدميرهم؟ هل هي مليئة بالكراهية أم الحب، المرارة أم البركة، الشكوى أم المجاملة، النصر أم الهزيمة؟ الكلمات هي الأدوات التي يمكن أن تجعل الحياة أفضل،
الكلمات مهمة جدًا لدرجة أننا سنقدم حسابًا عما نقوله عندما نقف أمام الرب يسوع المسيح. متى ١٢ : ٣٦ و ٣٧ ولكن أقول لكم: إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين. لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان».
٢- الكلام الجارح المرير :
الكلام الجارح قد يأتي من أقرب الناس إلينا في وقت ضعفنا، لكن يجب أن نتحلى بالحكمة ونردّ بلطف وإيمان.
اطلق أصدقاء ايوب كلاماً جارحاً وكلمات لاذعة لذلك عبر أيوب عن وجع كلامهم فقال لأصدقائه «حتى متى تعذبون نفسي وتسحقونني بالكلام؟ (أيوب ١٩: ٢) من المؤسف ان بعض الاشخاص يسيئون استعمال الكلام.‏ فالتفوّه بالكلام المهين،‏ اللعن،‏ التجديف،‏ الكلام النابي، والكلام الفاحش يؤلم كثيرا ، وأحيانا يسبب الما أكثر من الجروح الجسدية.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «يوجد مَن يهذر مثل طعن السيف».‏ امثال ١٢:‏١٨‏.‏
عندما رأى الفريسيون معجزات المسيح، بدلاً من الإيمان به، قالوا كلامًا جارحًا وافتروا عليه قائلين: هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين (متى 12: 24). استخدموا كلامًا جارحًا وكاذبًا ليقللوا من شأن عمل الله، لكن يسوع واجههم بالحكمة وبيّن زيف ادعاءاتهم.
العبرة: الكلمات الجارحة قد تأتي من القلوب الممتلئة بالكبرياء والغيرة، لكن الحق سيظهر في النهاية.
٣ - الأكاذيب وكلمات التذوير:
الكذب والتذوير هو أول خطية ارتكبت في هذا العالم و ذلك في جنة عدن حينما كذب الشيطان على حواء و جعلها تسقط في خطية العصيان . و قد لقب المسيح الشيطان بانه كذاب و أبو الكذاب (يوحنا 8 : 44). والكاذبون ليسوا فقط أولاد الشيطان بل أيضا عبيده. قد يكون الكذب بالقول الصريح أو بالإشارة و التلميح .
لذلك فخطية كلام الكذب من الخطايا التي يجب ان نعترف بها و نتوب عنها . يقول الرسول بولس : لا تكذبوا بعضكم على بعض إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله (كولوسي 9:3).
أما داود فصلى قائلا: يارب نج نفسي من شفاه الكذب (مزامير 2:120).
٤ - كلام الصلاة والتحرير
أن يكون لساننا لسان الصلاة والتكلم مع الله، لان الصلاة هي لغة المؤمنين الذين يتخاطبون مع إلههم يوميا. ولغة الصلاة والتكلم مع الله لا يتعلمها ولا يعرفها إلا الذين يتتلمذون على يدي المعلم الصالح الرب يسوع ويتمثلون به.
فالصلاة هي قوة الله في حياة المؤمن الروحية والعملية. واليك بعض الأمثلة الكتابية من حياة إيليا يقول في رسالة يعقوب كان إيليا إنسانا تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر. ثم صلى أيضا، فأعطت السماء مطرا، وأخرجت الأرض ثمرها. (يعقوب ٥: ١٧، ١٨)
وتحرير المرأة من روح العرافة بالكلمة المنطوقة في خدمة الرسول بولس
وكانت تفعل هذا أياما كثيرة. فضجر بولس والتفت إلى الروح وقال: «أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منها!» فخرج في تلك الساعة. (أعمال ١٦: ١٨)
فأمر الروح الشرير بكل قوةٍ اسم يسوع المسيح أن يخرج منها. وفي الحال تحررت من هذه العبودية الرهيبة، وأصبحت إنسانة عاقلة سليمة التفكير.
دعني اقول لك ان كلمات الصلاة هي أداة قوية لطلب العون من الله في تجنب الخطيئة والتجربة. وتجلب التشجيع والأمل والسلام الداخلي في الظروف الصعبة. وتجلب البركة والقوة لحياتك.
٥ - كلماتك تجعل حياتك تنير
أعظم قوة كامنة في الكون هي قوة الكلمات. فبها خلق الله العالم بأكمله، فشكل كل شيء بكلماته، وجعلنا نعرف أنه يمكن لنا عمل نفس الشيء.
فالكلمات تُطلق روح القوة. ويُظهر لنا الكتاب المقدس في تكوين الأصحاح الأول كيف أن الأرض كانت كتلة خربة وكان روح الله يرف على وجه الغمر، وعندما تكلم الله، أطلق بكلماته روح القوة وكل ما قاله صار. فعندما قال ليكن نور، أُطلقت روح القوة فأتى فجأة نور من الظُلمة. وقال يسوع في يوحنا 63:6 ... الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة. وهذا أمر هام جداً فكل واحد عندما يتكلم، يُطلق روح وحياة
فم الصديق ينبوع حياة، وفم الأشرار يغشاه ظلم. (الأمثال ١٠: ١١)
ولكن ليس كل واحد يُطلق حياة. وفي الواقع، هناك الكثيرون عندما يتكلمون، يُطلقون موتاً كل الوقت إلى حياتهم، وعائلتهم، وأمورهم المادية، وأعمالهم التجارية، ومستقبلهم وهم لا يعلمون. إذ يقول في أمثال 21:18، الموت والحياة في يد (في سُلطان) اللسان، وأحباؤه يأكلون ثمره.
فبكون الله قد أعطانا إمكانية التكلم فهذا دليل على حبه العظيم لنا، لأنه أعطانا الأداة لنُشكل عالمنا ليتوافق مع إرادته الكاملة. فنحن نِتاج كلمات.
والكلمات الصحيحة تبنينا، وتُبرمجنا للنجاح والغلبة والتقدم. ولكن الكلمات الخاطئة تُدمر حياة الإنسان. فنوع الكلمات التي تتكلم بها على نفسك هامة جداً.
لذلك تكلم فقط كلمات البركة والنجاح والزكاء، كلمات بإلهام الروح القدس مُعطية حياة. وتذكر، أن غدك سيكون انعكاساً للكلمات التي تتكلم بها اليوم.
إليك بعض النّصائح الموجَزة كي تتّبعها:
١. فكر في الكلمة قبل أن تتكلم بها.
إسأل نفسك هل هذه الكلمة تبني أم تهدم؟ تُشجِّع وتُعضِّد أم تُؤذي وتجرح المشاعر؟ هل تُحبّ أنت أن تتلقّاها من أحد؟ وما هو وَقعها وتأثيرها على مُستقبِلِها؟ ثمّ أجب عن مثل هذه الأسئلة بأمانة وموضوعيّة حتّى تُساعدك على تقرير ما ستقول.
٢. وقت الغضب لاتستعجل بالكلام:
وقت الغضب والانفعال وانفلات الأعصاب هو أيضاً وقت انفلات اللسان بكلام لا يليق، بل ومُدمِّر!. لهذا كُن حريصاً جدّاً بألاّ تندفع بالكلام وقت غضبك أو ثورتك. عن هذا تقول الكلمة المُقدّسة في يعقوب 1: 19.
٣. صلي للرب فيعطيك الروح القدس لكي تتحكّم في كلماتك.
لأنه ساكن فيك فيُوجِّه لسانك التّوجيه الصّحيح لذا علينا أن نُسلّم قلوبنا وإرادتنا للروح القدس يساعدنا على التحكم في كلامنا.
٤. درّب نفسك بنطق كل ما هو إيجابي. لذلك علينا تجنُّب كلّ ما هو سلبي وهدّام، والنُّطق بكلّ ما هو إيجابي وبنّاء:
إنّ المسألة مسألة تدريب، وبمعونة الله وقيادته سيكون بمقدورك اجتيازها بنجاح.
٥. درب لسانك ليكُن كلامك واحداً، واضحاً، شفّافاً، صادقاً وأميناً. إن فعلتَ هذا سيَرضى الرب عنك وسيحترمك الجميع.
٦. كُن مُستعدّاً دوماً لتُصلِح كلّ ما أفسدْتَه بلسانك: فشجاعتك في الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، ستُضيف إليك كثيراً من الاحترام والوَقار والوضوح والجاذبيّة، وفوق الكُلّ الاستقامة.
٧. صلي ليكن كلامكم كل حين بنعمة، مصلحا بملح، لتعلموا كيف يجب أن تجاوبوا كل واحد. (كولوسي6:4).
فالمطلوب ليس أن نبتعد عن الكلام الرديء فحسب، بل أن يكون كلامنا مفعمًا بالنعمة، وبإخلاص ودون رياء.