آراء و أقلام إنجيلية

وجهة نظر المسيحيين للعهد القديم

  • بقلم: د.ق. خلف موسى

العهد القديم بمثابة الأساس للبناء، و نقطة البداية للعدَاء والمتسابق، وحروف الهجاء للمتعلم، يرى المسيحي العهد القديم بنظرة ثاقبة متأملة واعيَة، لأهميته الضرورية وحتميته المُلِحة، التي لا إستغناء عنها، فمن يريد أن يصل إلى العهد الجديد فعليَه أن يستقل العهد القديم كأداة توصيل صائية ومريحة وسريعة.
العهد القديم هو ظل العهد الجديد، فإن لم يكن هناك ظلاً فلا وجود للأصل، وإن لم يكن هناك أساس فلا قيمة للمبنى، فالظل يشير إلى كينونة الأصل ومن النظر إلى الأساس أستطيع أن أعرف كينونة المبنى، فإن لم يكن العهد القديم موجود، ما عرفت كينونة مسيحيتي، فهو أساس المسيحية وأساس معرفتي بألله وكينونته وشريعته ووعوده.
ففي العهد القديم وعود وعهود ورموزونبوات تحققت بالفعل في العهد الجديد وعلى سبيل المثال أقول:
هناك نبوات عن ميلاد وحياة وآلام وموت المسيح مثل:
- “وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ… أَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ” (إشعياء 14:7؛ 6:9).
- “أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ” (ميخا 2:5).
- “مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْنِي” (هوشع 1:11).
- “أَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ” (تكوين 15:3)
- “لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا” (إشعياء 7:9)
- «أيضاً رجل سلامتي الذي وثقت به أكل خبزي، رفع علي عقبه» (مزمور 41 : 9)
- "مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ." (إش 53: 3).
- فَقُلْتُ لَهُمْ: «إِنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِكُمْ فَأَعْطُونِي أُجْرَتِي وَإِلاَّ فَامْتَنِعُوا». فَوَزَنُوا أُجْرَتِي ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ (زك 11: 12)
- لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا. (إش 53: 4)
- "لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ (إش 53: 12)
- "لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ." (مز 22: 16).
- "لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا." (مز 16: 10).
- « وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى. (يوء 2: 28)
ماتم زكره أعلاه ما هو إلا مثال صغير لما أوضحه لنا العهد القديم، عن حياة وآلام وقيامة المسيح وقد تم كل هذا بالتمام والكمال، وكأن العهد القديم رسم صورة واضحة للمستقبل وقد رأيناها بعيوننا متجسدة في أرض الواقع.
وهناك العديد من الرموز في العهد القديم عن المسيح ومنها:
- الكبش الذي قدم بدل إسحق: (تكوين 22)
- عصفورا التطهير: (لاويين 14: 1-8)
- ترديد حزمة الباكورة: (لاويين 23: 11)
- عصا هارون التي أفرخت: (عدد 17: 8)
- خروج يونان من بطن الحوت: (يون 2: 10)
فهذه دلالات ورموز لحياة المسيح وموته وقيامته، قد حدثت بالفعل في حياة وعمل المسيح
وعلاوة على هذا فالمسيح نفسه قد إقتبس آيات عديدة من العهد القديم، في مواقف كثيرة لربط العهدين معا في كتاب واحد كما قال بفمه "«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ." (مت 5: 17).
ومن هذه الإقتبايات ما يلي:
- "قالَ لهُ يَسوعُ: "مَكتوبٌ أيضًا: لا تُجَربِ الرَّبَّ إلهَكَ".(مت4: 7)
- "قالَ لهُ يَسوعُ: "اذهَبْ يا شَيطانُ! لأنَّهُ مَكتوبٌ: للرَّب إلهِكَ تسجُدُ وإيّاهُ وحدَهُ تعبُدُ".(مت4: 10)
- "كما هو مَكتوبٌ في الأنبياءِ: "ها أنا أُرسِلُ أمامَ وجهِكَ مَلاكي، الذي يُهَيئُ طريقَكَ قُدّامَكَ".(مر1: 2)
- "فقد تمَّتْ فيهِمْ نُبوَّةُ إشَعياءَ القائلَةُ: تسمَعونَ سمعًا ولا تفهَمونَ، ومُبصِرينَ تُبصِرونَ ولا تنظُرونَ. (مت13: 14-15)
- "وقالَ لهُمْ: "مَكتوبٌ: بَيتي بَيتَ الصَّلاةِ يُدعَى. وأنتُمْ جَعَلتُموهُ مَغارَةَ لُصوصٍ!" (مت21: 13)
وهنا لابد أن يصمن الفقهاء والفلاسفة، فإقتباس المسيح من العهد القديم، ما هو إلا أعظم دليل على صحته وعلى إرتباته بالعهد الجديد، ومادام السيد قد شهد له وأعتمد عليه في تعاليمه، فلابد إنه هام وضروري لكل مسيحي مستنيروعارف للحق وأخيراً فنظرة المسيحيين للعهد القديم شاملة وعامة في كتاب واحد مع العهد الجديد فهو " الكتاب المقدس" ياسادة.