بركات قيامة يسوع من الأموات
4/14/2025 12:00:00 AM
يقول الرسول بطرس في رسالته ”مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حيً بقيامة يسوع المسيح من الاموات“ لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. (١ بطرس ١: ٣ - ٥).
أرى فيما يكتبه الرسول بطرس سبع بركات في قيامة المسيح ينالها كل من يؤمن به ويتمتع بها.
لم تكن قيامة يسوع حدثًا سريًا، بل إعلانًا علنيًا رآه الكثيرون. وفقاً للأناجيل، ظهر يسوع حياً لتلاميذه وأتباعه الآخرين في مناسبات عديدة بعد قيامته. واليك بعض بركات القيامة كما ذكرها الرسول بطرس في رسالته.
أولا: بركة الولادة من جديد:
مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية. ١بط ١ : ٣
الولادة الجديدة ضرورية للخلاص .ومن خلال الولادة الجديدة ندخل في علاقة صحيحة مع الله، ولا يوجد ميلاد جديد بدون القيامة.
لو كان المسيح مات من أجل خطايانا ولم يقم كنا نحصل علي غفران الخطايا بدون الولادة الجديدة.
"الولادة الجديدة" هي بداية الحياة الروحيّة مع المسيح. وهي من اجمل التعابير التي تصف حقيقة الاختبار المسيحي والعلاقة الجديدة مع الله.
القيامة هي حجر أساس إيماننا، " وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم،" (1كو 15: 14)
يعبر عن الميلاد الجديد بالخليقة الجديدة، "إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدا". (2 كو 5: 17 ).
ما لم نولد ثانية لن ندخل ملكوت الله. فالميلاد الجديد لايحدث بالتدريج. لكنه يحدث في الحال! عندما يأتي الخاطئ للرب يحتاج إلى عمل خارجي وعمل داخلي:
العمل الخارجي : هو أن الروح القدس يخصصه لطاعة المسيح ودم المسيح يرش على قلبه للتطهير.
العمل الداخلي: هو الولادة الجديدة "ينبغي أن تولدوا من فوق. " والعمل كله من الله ولا شيء من جانب الإنسان الخاطئ لإنها عطية من الله ننالها في اللحظة التي نؤمن فيها . وصارت قيامة المسيح مصدر الحياة جديدة. "كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة" (رو 4:6).
ثانيا: بركة الرجاء الفريد:
لرجاء حيً بقيامة يسوع المسيح من الاموات ١ بط ١ : ٣
المصطلح اليوناني لكلمة "رجاء" يعني "توقع متلهف وواثق." فرجاء المؤمن ليس "حيًا" بل هو "حيوي". على عكس الرجاء الفارغ الميت في هذا العالم، فإن "الرجاء الحي" نشيط وحي وفعّال في روح المؤمن.
يوجد فرق بين الرجاء والتمني. لأن التمني هو ان نتمنى شيء قد يتحقق أو لا يتحققً وكلنا لنا امنيات نصلي من اجلها ولكن ليس لنا ثقة بتحقيقها. اما الرجاء فهو ان نرجو امر ونعلم انه سيتحقق لأن هذا الرجاء مبني على قيامة ربنا يسوع المسيح من بين الأموات وهذا امر ثابت وواضح والرب يسوع قال ” انا حي فأنتم ستحيون”. وهذا الرجاء حي ما دام الرب يسوع حي إنه متوقع ومستمر. ينبع رجاؤنا الحي من مخلّص حي مقام من بين الأموات لآن يسوع المسيح حيً فأنا أيضا حيً. ليس لنا رجاء في مخلص ميت، لكن في مخلص حيً. صار لنا الرجاء الحيً وليس رجاء ظاهري أو عاطفي. إنه رجاء فريد. رجاء رؤية المسيح.
فبدون القيامة لا يوجد رجاء، والرجاء مصدر القوة لنا فقوة الله ظهرت بطريقة ليس لها مثيل بقيامة المسيح وهذه القوة تعمل لحسابنا نحن المؤمنين:
"لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات" (أف 1: 18). فأية ظروف ممكن ان تقف عائقًا أمام قوة مثل هذه؟
ثالثا: بركة الميراث المجيد:
ع٤ لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ،
فميراثنا ليس أرضياً بل ميراث سماوي محفوظ في السموات. وقد أعطانا الروح القدس عربون الميراث، مؤكدا لنا الميراث الكامل الذي لنا فيه.
ميراث لا يفني ولا يتندس ولا يضمحل. ما نحتاجه هو أن نضع كنزنا هناك ، حيث لا يوجد سوس ولا صدأ ولا لصوص ليأخذوه" كقول الرب يسوع (لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون (مت 6 : 19-20)
وللميراث أيضًا ثلاثة صفات رائعة فهو
- لا يفنى (أي ضد الموت والفناء)، أي غير قابل للزوال
- ولا يتدنس (ضد الخطية والبلاء)، فلن يدخله عدو يدنسه فهو محروس بسور إلهي.
- ولا يضمحل (ضد الزمن). بمعنى انه لا يزول جماله ولا يفقد بهاؤه.
- محفوظ في السماوات لإجلكم أنتم الذين بقوة الله محروسون.
رابعًا: بركة الحماية بكل تأكيد:
حمايتنا تأتي من الله لكل الذين يثقون في الرب يجدونه حاميًا قويًا في أوقات الهجوم الجسدي والروحي وفي مواقف الخطر بجميع أنواعها. "هُوَ تُرْسٌ لِمَنْ يَحْتَمُونَ بِهِ" مزمور 18: 30
الحماية ببساطة هي أن تكون في مأمنٍ من أي اعتداء أو شر يحوم حولك من أشخاص، أو أشياء، أو أماكن، أو أحداث).
كلمة محفوظ بقوة الله في اللغة اليونانية تعني أنه تحت حراسة أسطول سلام الله"
- الايمان يعني الحماية وتفيض بركات الله في حياتنا متضمنة حفظنا في دائرة الايمان
ودوائر الحماية (النفس، الجسد. الرُّوح ، المال، الأسرة).
- يجب أن "نحسبه كل فرح" عندما يسمح الرب لنا بالتجارب لأنه يختبر إيماننا لتطوير حياة أعمق في الإيمان حتى نثابر وننمو إلى النضج والتشبه بالمسيح (يع 2:1-3)
- الوعد بالحماية ينصب تركيزنا على حماية الله الروحية ضد أعداء نفوسنا. أعطانا الله سلاحًا روحيًا من أجل حمايتنا الروحية (أف 6 : 10-18)
- مكان الحماية الأمثال 18: 10“اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ.
على هذا الأساس، في أي مكان نستطيع أن نحتمي في اسم الله المتاح لنا طول الوقت، فاسم الله ليس مجرد حروف الإسم المكتوبة، لكن اسم الله يعني طبيعته، وعمله لأجلنا، يعني محبته لنا، وخلاصه، وموته، وقيامته، وهذا عمل تمَّ، وعلينا إدراكُه، والسلوك بموجبه.
- السَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ"(مز 91 : 1) يا لها من راحة لنفوسنا ونحن بين ذراع القدير وحمايته.
وكلمة السكن تتكرر مرتين؛ الأولى في ستر العلي أي تحت حمايته ع1، لكن ع 9 لأَنَّكَ قُلْتَ: «أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي». جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ، اي في الله ذاته، أي ارتباط قلبي عميق وهذا نمو في معرفة الله.
عزيزي القارئ اعلم انه بقيامة الرب يسوع المسيح من الاموات هو حاميك ومخلصك وملجأك الآمن ووليّك. ويرسل ملائكته ليحفظوك وليعتنوا بك وبكل ما يخصك. أنت لست وحدك في ساحة المعركة. أنت مراقَب بعناية خاصة عندما تعيش بحسب كلمته ليلًا نهارًا وتعلن الحماية السماوية على حياتك.
خامسا: بركة الفرح الفائق والمجيد:
ما أكثر افراح العالم لكن أفراح القيامة من نوع آخر وفي هذا يقول يوحنا الحبيب:" فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ." (يو 20 : 20). من سمات قيامة رب المجد يسوع هى حياة البهجة والفرح . بعد أن كنا فى حالة حزن وظلمة نجد أنها تبدلت مع قيامة المسيح إلى فرح ونور وبهجة، لقد كان التلاميذ حزانى وقائدهم وحبيبهم مات ودُفن في القبر، ولكن حزنهم تبدّل عندما جاء يسوع إليهم وأراهم يديه وجنبه "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب." وأيضًا تلميذَي عمواس، إذا كانا راجعين إلى بلدهما وهما ماشيان عابسان، انضمّ إليهما يسوع، ولكنهما لم يعرفاه، وعندما دخل معهما عرفاه عند كسر الخبز فولّت أحزانهما وامتلأ قلباهما بالفرح
يوج أربعة أسباب على الأقل ملأت قلب التلاميذ بالفرح:
١. لأنّهم لمسوا قوّة المسيح التي انتصرت على الموت وهى انتصار على الموت إذ لم يعد له سلطان على الأنسان.
٢. لأنهم رأوا مقدار حبّه العظيم والذي ظهر في آلامه التي احتملها من أجل تتميم الخلاص وهزيمة الشيطان.
٣. لأنهم رأوا الرب في وسطهم ولم يتركهم لأنه هو الراعي الحلو، والصَّديق القائد، والمعلِّم الأمين، صاحب السلطان.
٤. لأنهم رأوا أن الحياة قد انتصرت على الموت، والبِرّ انتصر على الشرّ، والحقّ انتصر على الباطل. في هذا الزمان.
سادسا: بركة الايمان السديد:
بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. ع ٥
قيامة المسيح حولت الشك إلى إيمان قوي: يوحنا ٢٠ : ٢٧ و ٢٨ عندما ظهر الرب يسوع للتلاميذ لم يكن توما معهم، ولما رأوه قالوا له: "قد رأينا الرب. فقال لهم: إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن."
جاء الرب يسوع ثانية وقال لهم: "سلام لكم." ثم وجّه حديثه إلى توما قائلاً:"هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا. أجاب توما وقال: ربي وإلهي!"
أول فاعلية لقيامة المسيح هي الإيمان به ربا ومخلصا وواهب الحياة الأبدية للمؤمنين، انتقل توما بسرعة من شخص اعلن عن عدم إيمانه (يوحنا ٢٥:٢٠) إلى شخص يملك إيماناً قوياً مندفعاً. فدعا يسوع: «رَبِّي وَإِلَهِي!» ، أصبح الإيمان العامل فينا بواسطة الكلمة الكتابية هو أفضل من الاقتناع بمشاهدة العين. نحن نسير بالإيمان لا بالعيان "الذي وإن لم تروه تحبونه، ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد"١ بط ١ : ٨.
سابعا: بركة مجيء المسيح والقاء السعيد:
تقودنا القيامة إلي الرجاء المبارك المجيء الثاني للمسيح يقول لوقا الطبيب “يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلي السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلي السماء” (أع1: 11 )
كما يعلن الرسول بولس هذا الحق ( لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ ... ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. (١تسالونيكي ٤ : ١٤ و ١٧)
عندما يأتي الربُّ يسوع تَحقيقاً لوعوده هذه، فليس قدّيسوا هذا الدّهر وحسب، بل أيضاً القدّيسونَ من كلّ العصور الماضية سيكونون موجودين.
القيامة هي صخرة إيماننا والتي منها نستمد كل بركة لنا في المسيح.
صـــــــــــــــــــلاة:
أيها الآب القدير لقد رأيتُ قوتك مستعلَنَة في قيامة ابنك الوحيد يسوع. أَنتَ حقاً إله المستحيلات. وكل ما يبدو لي ميؤوساً منه ومستحيلاً في عيني لكنه مستطاع لديك لأن رجائي فيك أنت إله القيامة. وهآنذا أَرفع هذه الصلاة بفضل محبتك العظيمة. إنّ مراحمك لا تزول. هي جديدة في كل صباح. أَطلبُ منك أَنْ تقيمَ في حياتي تلك الأَشياء التي تتمجّد من خلالها! وسوف أَرى قبر يسوع الفارغ دعوةً للرجاء، وأَثابر على إيماني بك في كل يومٍ من أَيام حياتي. منتظر أعظم لقاء هو مجيئك آمين