نسمة خادعة
6/23/2025 12:00:00 AM
عندما ننخدع من أحوال الحياة دون الاعتماد على مشورة الله لحياتنا. بكل تأكيد تكون النتيجة ليست مُرضية لنا، ونصاب بالحيرة والتخبط في قرارات يومنا. فالله وضع لنا في كلمته المقدسة المعاير التي من خلالها نعرف ما يريدنا أن نفعله في حياتنا. فعندما لا نعطي مجال لفكر العالم، ونتبع حياة الخضوع لله نستطيع أن نعرف إرادته لحياتنا. وهذا ما يؤكده الرسول بولس: "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ."(رو12: 2). ولكن لعدم إدراكنا التام لهذ المعاير نسلك ونتصرف بطريقة لا تصل بنا للهدف المنشود.
فظروف الحياة الميسرة ليست دليل كافي على أننا في خطة الله. بل علينا أن نجلس في هدوء أما الرب نستمع لمشورته من خلال. الصلاة، وكلمته، وإرشاد روحه القدوس. لذا سطر لنا الروح القدس في (سفر أعمال الرسل 27: 9-20). هذه الحادثة لنعرف أن روح الله يرشد أولاده، وعليهم أن يذعنوا لصوته ويطيعوه. وهذا ما حدث في رحلة بولس الرسول الأخيرة. نقرأ ونتأمل في هذه الكلمات ["فَلَمَّا نَسَّمَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا مَقْصَدَهُمْ، فَرَفَعُوا الْمِرْسَاةَ وَطَفِقُوا يَتَجَاوَزُونَ كِرِيتَ عَلَى أَكْثَرِ قُرْبٍ" ع 13]. بهذه النسمة انخدع قائد السفينة. وأنضم لرغبة مالكها، ولم يسمعوا لتحذيرات الرسول بولس المُقاد بالروح القدس. فكانت النتائج الكارثية للسفينة كما سنرى.
أولاً: أنواع المخدوعين.
1- مَن يرغب في ربح وفير. [لوط]" فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ، وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقًا. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الآخَرِ. (تك 13: 10). عندما نتخلى عن الصداقة الحقة والعلاقة الوطيدة لسبب مادي. لابد أننا نفقد كل قيمة وفضيلة. ترك لوط عشرة إبراهيم. فتم أسره، وبعدها فقد قيمته بين أهل سدوم، ثم كل ماله لخروجه للجبل، وفي خروجه فقد زوجته، وفي المغارة فقد شرفه مع بناته. يا للعار.
2- مَن يسمع النصيحة دون تفكير. [أمنون] "فَقَالَ يُونَادَابُ: "اضْطَجعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزًا، وَتَعْمَلَ أَمَامِي الطَّعَامَ لأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا". (2صم 13: 5). محبة الشهوة غير المميزة لسمو العلاقة الأسرية. وبالنصيحة الردية للمنفعة الشخصية. كانت السفاهة الأخلاقية. وارتكب أمنون أبشع خطية. وكانت النتيجة الموت.
3- مَن لم يطيع التحذير. [النبي] "فَقَالَ لَهُ: "أَنَا أَيْضًا نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَقَدْ كَلَّمَنِي مَلاَكٌ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلاً: ارْجعْ بِهِ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ فَيَأْكُلَ خُبْزًا وَيَشْرَبَ مَاءً". كَذَبَ عَلَيْهِ"(1مل 13: 18). من أجمل ما كتب الرسول بولس عن نفسه أنه عندما سمع صوت الرب لم يستشر أحد. فكلمات الرب هي نور الطريق. بها نصل لمرفأ الأمان. لكن النبي صدق كلمات تخالف ما قيل له. كيف؟ هل يغير الله خطة حياتي ويعلنا لشخص غيري؟، هذا ما ارتكبه النبي. سمع للغير دون تذكر الوصية الشخصية له. فكانت النتيجة الحتمية الموت.
ثانيًا: نتيجة الانخداع.
1- مغادرة شاطئ الأمان. "فَرَفَعُوا الْمِرْسَاةَ وَطَفِقُوا يَتَجَاوَزُونَ كِرِيتَ عَلَى أَكْثَرِ قُرْبٍ. ع13". عندما نترك مكاننا الذي أوجدنا فيه الرب دون مشورته. نتقابل مع ويلات الحياة، ولكننا نكون بلا معين.
2- الوقوع في مصارعات التيهان. "فَلَمَّا خُطِفَتِ السَّفِينَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُقَابِلَ الرِّيحَ، سَلَّمْنَا، فَصِرْنَا نُحْمَلُ. ع 15". هذا ما يحدث لكل من يترك حضن الرب ويذهب بعيدًا. فيجد نفسه في صراعات الحياة، ولجج مياهها التي تتقاذفه ولا سكون لهيجانها.
3- يحمل برياح الشهوة والهوان. "وَلَمَّا رَفَعُوهُ طَفِقُوا يَسْتَعْمِلُونَ مَعُونَاتٍ، حَازِمِينَ السَّفِينَةَ، وَإِذْ كَانُوا خَائِفِينَ أَنْ يَقَعُوا فِي السِّيرْتِسِ، أَنْزَلُوا الْقُلُوعَ، وَهكَذَا كَانُوا يُحْمَلُونَ. ع 17". فتاره يخبط في جدار وتارة أخري يسقط في سكون. خوفًا من رياح العالم العاتية. فلا إرادة ولا قوة للوقوف في وجه الشر. لأنه بعيد عن المصدر الذي هو حض الله المعين.
4- يفرغ من كل فضيلة واحسان. "وَإِذْ كُنَّا فِي نَوْءٍ عَنِيفٍ، جَعَلُوا يُفَرِّغُونَ فِي الْغَدِ. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمَيْنَا بِأَيْدِينَا أَثَاثَ السَّفِينَةِ. ع 18-19". وهكذا يفقد كل ما كان بداخله. فمصارعاته العالمية أنهكت قواه. فصار فارغ من قيمه ذاتية واخلاقياته.
5- الكسر والتحطيم للخسران. "وَإِذْ وَقَعُوا عَلَى مَوْضِعٍ بَيْنَ بَحْرَيْنِ، شَطَّطُوا السَّفِينَةَ، فَارْتَكَزَ الْمُقَدَّمُ وَلَبِثَ لاَ يَتَحَرَّكُ. وَأَمَّا الْمؤَخَّرُ فَكَانَ يَنْحَلُّ مِنْ عُنْفِ الأَمْوَاجِ. ع 41". وتكون النهاية الكسر والتحطم. وعدم الحركة من موقع الخطر. انتظارًا للمصير المجهول!
هذا ما تصوره لنا حادثة السفينة والبحارة. ولكن شكرًا للرب الذي لم يترك عبده، والذي سبق وأعلن له خطته لحياته. دون تأكيد لضمانه له سالمًا. بل أعطاه أنفس الذين معه. ليعلن لهم من خلال كلماته وتصرفاته، وتأييد الرب له بالآيات المعجزية في الجزيرة. لتصل رسالة المسيح من خلاله للجميع.
لذا عزيزي القارئ. ليس كل أمر سهل هو من الله. بل انتظر خطة الله لحياتك. لتضمن السلامة. أمين.