التسرع في الخلاص من التجربة
6/30/2025 12:00:00 AM
معنى التجربة:
التجربة في اللغة اليونانية: (πειρασμός "بيرازموس") تعني الامتحان أو الاختبار أو الضيق.
التجربة ليست دائمًا عقوبة بل هي وسيلة للتمحيص والتنقية (يع 1:2- 4).
الله لا يجرّب أحدًا بالشر (يع 1 : 13)،
الله يسمح بالتجربة لبنيان النفس.
والتجربة جزء لا يتجزأ من الحياة الروحية للمؤمن ويسمح بها الرب لا ليؤذينا بل لينقينا ويشكّل فينا صورة المسيح.
فالتجربة كثيرًا ما تكون أداة في يد الله لتقوية الإيمان، وتشكيل الشخصية الروحية، وإظهار مجده في حياة المؤمن.
الخروج المتسرع منها قد يحرم المؤمن من الثمر الروحي والمعرفة الأعمق بالله. إلا أن كثيرين يختارون التسرع في الهروب منها، مما يؤدي إلى نتائج وخيمة. مثلا:
* شعب إسرائيل في البرية بعد الخروج من مصر، تذمَّر الشعب مرات كثيرة بسبب الجوع أو العطش أو الخوف، وكانوا يطالبون بالرجوع إلى مصر حيث "قدور اللحم" رافضين انتظار تدبير الله. خروج ١٦: ٣"لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ..."
* التسرع بالرجوع للماضي المريح قد يمنعنا من رؤية بركات الله في الصحراء.
* شاول الملك: لم ينتظر صموئيل، بل قدم المحرقة بنفسه متسرعًا فخسر المُلك (1صم 13)
اولا: أسباب سماح الله بالتجربة
1. تنقية وتزكية الإيمان:
لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، (١ بط ١: ٧)
وتزكية الإيمان أي تلميعة. فالله يريد أن يرى إيمانك مزكى نظيفاً لامعاً، وكما أن الذهب يتنقى بالنار من الشوائب كذلك يتنقى الإيمان بالتجارب من الاتكال على النفس وعلى الحكمة البشرية والبر الذاتي والقوة الذاتية.
الله له قصد عظيم ومهمّ من امتحان إيماننا.
• الإيمان يُمتَحن لإثبات أنه إيمان صادق وحقيقي.
• الإيمان يُمتَحن لإثبات قوة الإيمان.
• الإيمان يُمتَحن لتنقيته من كل ضعف.
فلا تتسرع في الخروج من التجربة لكن انتظر أمام الرب وسيكون في الآخر بعد ما تجتاز في التجارب المتنوعة يوجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان الرب يسوع المسيح.
2. التعزية و الاتكال على الرب لا الإنسان:
لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا. لكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ، (٢ كور ١: ٥، ٩)
+ كثيراً ما يسمح الله بأن ينزل بأولاده بلايا شديدة جداً إلى حد يعجز عنده عن دفعها كل يد بشرية لكن يد الرب تدربنا في الاتكال عليه في كل شيء بدلا من الوسائط البشرية ونلجأ إليه وحده ليزيد ثقتنا به حين يخلصنا.
+ لا تعتمد على منطقك أو خبرتك، بل سلّم لله قيادتك فالاتكال على الرب هو الثقة الكاملة في حكمته، محبته، وتوقيته، مهما كانت الظروف صعبة أو غير مفهومة.
+ يجب علينا ان نرمي كل همومنا، ونؤمن أنه يرى، يسمع، ويتدخل في الوقت المناسب.
3. لإعدادنا للخدمة في اي مكان:
يعني أن الله يجهّزنا لنكون أدوات فعالة في يده، نخدم الآخرين بإخلاص ووعي روحي.
* الله لا يستخدم المؤمن قبل أن يمرّ بعملية تشكيل وتجهيز، وهذه العملية غالبًا ما تحدث من خلال التجارب. لتبني فينا صلابة داخلية تُعدّنا لاحتمال المسؤوليات الروحية والعملية.
* مثال على ذلك يوسف والضيق الذي اجتاز فيه بيع كعبد وسُجن ظلمًا وتصرف يوسف في السجن عندما قال للساقي "إنما إذا ذكرتني عندك حينما يصير لك خير تصنع إليَّ إحسانًا وتذكرني لفرعون" يشبه تصرفاتنا في كثير من الأحيان وهو بذلك يريد أن يُعجِّل بخروجه من السجن قبل أن يكتمل تدريبه.
* الدروس التي يريد الله أن يعلمنا إياها من خلال التجارب، تعلّم يوسف الإدارة وضبط النفس و الاتكال على الرب والانتظار بدل الاستعجال
* والنتيجة كانت استخدم الله ليوسف في أرض غير وطنه لينقذ شعبًا كاملًا بل العالم وعائلته من المجاعة.
ثانيا: الخروج المتسرع من التجربة واضراره
الخروج المتسرع من التجربة قد يحرم الإنسان من الثمر الروحي والمعرفة الأعمق في فهم طرق الله العجيبة.
١. التسرع قد يمنع النمو الروحي يع ١ : ٢ - ٤
الصبر في وسط التجربة يُنتج النضوج والكمال، بينما التسرع قد يتركنا "ناقصين في شيء ما.و قد يبقى ضعيف الشخصية، متردد، أو هشًّا في الإيمان.
* الرب يسوع نفسه لم يطلب الخروج السريع من التجربة، بل سلّم المشيئة للآب: "يَاأَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي، بَلْ إِرَادَتُكَ. (لو 22 : 42).
حتى وإن كانت التجربة قاسية، فالثقة بمشيئة الله هي الأهم.
٢. ضياع بركة التأديب الإلهي (عب 12: 6)
"لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ."
الضرر بالهروب من التأديب، يخسر المؤمن فرصة أن يُصاغ من يد الله ليكون ناضجًا ومستخدمًا بقوة في خدمته وحياته.
٣. عدم فهم الهدف الإلهي من التجربة
"هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ."(هو 4 : 6)
كثير من المؤمنين لا يدركون أن التجربة تصنع شيئًا أعمق في داخلهم، فيظنون أن وجودها يعني أن الله غاضب منهم أو تركهم.
ثالثًا: خطوات العلاج من التسرع للخروج من التجربة:
١. ارفض التذمّر واشكر الرب لأنه صالح
"اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ." لان كل تجربة فيها فرصة لتكتشف عمق إيمانك وتعرف الله عن قرب.
٢. افهم أن الله له قصد في كل تجربة، وانتظر توقيت الله لا توقيتك
"الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ يَجِدِّدُونَ قُوَّةً."(إش 40 : 31) ثق بأن الله لا يتأخر، لكنه يصنع الأمور في وقتها.
٣. اطلب نعمة خاصة من الرب بدل الهروب،
وهذا اختبار بولس فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. (٢ كور ١٢: ٩). قال الرب أنا لا أرفع الشوكة لكن سأعطيك نعمة ونعمة كافية،
جرّب أن تغيّر رد فعلك في هذا الأسبوع: اشكر، صلِّ، انتظر، وشارك أخًا روحيًا. وثق بأن نعمة الرب كافية في كل الظروف لأن عنده نعمة كثيرة جداً.
٤. تذكّر أن المسيح نفسه تألم وبقي مطيعًا حتى النهاية
(عب 5 : 8). ما الذي يُظهر عدم تسرع الرب يسوع للخروج من التجربة؟
+ صلّى ثلاث مرات ليكون في انسجام كامل مع إرادة الآب.
+ لم يهرب من الألم، بل قبله من أجل خلاص العالم.
+ اختار طريق الصليب رغم مرارته، ولم يدافع عن نفسه. بل قبِل الظلم كجزء من خطة الفداء. وتحمّل العار، وهو القدّوس البار.
٥. اقرأ كلمة الله التي تعطي رجاء وسط التجربة. وتمسّك بكلمة الله لا بمشاعرك
"سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ، وَنُورٌ لِسَبِيلِي." (مزمور 119: 105) ليست مجرد عادة روحية، بل هي وسيلة حيّة من الله لتعزيتك وتقويتك اليومية.
٦. شارك المشاعر مع مؤمنين ناضجين يدعمونك بالصلاة والنصيحة.
اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ. (غلا ٦: ٢) ، ناموس المسيح هو المحبة والتضحية. هذا هو قانون حياة المسيح له المجد. «الآخرون»، وليس نفسه. لا تمر بالتجربة وحدك.لان مشاركة التجربة مع مؤمنين تُخفف الحمل وتفتح الباب للصلاة المشتركة وتمنع العزلة والانهيار.
الله يستخدم إخوتك لدعمك وتشجيعك. يا رب أعطني تواضعًا أن أشارك أحبائي بما أواجه، وأرسل إليّ مؤمنين أمناء يحملونني في الصلاة ويشجعونني بكلمتك.
٧. إعلن ثقتك في الرب واعلان وتمجيد لاسمه رغم الألم، وتصديق أن ما تمر به هو للخير.
- صلِّ بصوت عالٍ كلمات شكر (حتى لو كنت حزينًا).
- رنم ترنيمة شكر في وقت الضيق.
- هل تصلي معي هذه الصلاة
صــلاة خــتــامــيــة:
ابي السماوي لا أريد أن أهرب من التجربة، ولا أن أشتكي منها. علّمني أن أراك فيها، وأثق أنك تعمل فيّ من خلالها. قوّني وأنر طريقي بكلمتك، وامنحني شركة الروح القدس حتى يعينني على الثبات. وأعترف أمامك أنني لا أحب البقاء في التجربة، فأنا ضعيف. علّمني أن أثق في حكمتك وأنتظر توقيتك، وأؤمن أن يدك تصنع لي خيرًا حتى من وسط الألم واشكرك لأنك سامع صلاتي في كل حين في اسم الرب يسوع آمين.