يوم الخمسين … يوم تأسيس الكنيسة
7/13/2025 12:00:00 AM
في يوم الخمسين وبعد قيامة الرّب يسوع من الأموات، وبين جدران عليَّة صغيرة في أورشليم، كانت جماعة صغيرة يصلّون بقلب واحدٍ، ونفسٍ واحدةٍ، ورجاءٍ واحدٍ في إنتظار تحقيق وعدٍ إلهيٍّ كان في الأفق. وعد الرّبّ يسوع له المجد للتّلاميذ قبل صعوده إلى السماء:
“ولكنكم ستنالون قوَّةٍ متى حلَّ الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم واليهوديَّة والسّامِرَة وإلى أقصى الأرض” (أعمال ١: ٨).
و في تلك اللحظات الخالدة هبَّ ريح عاصف، وظهرت لهم ألسنةٌ منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم نارٍ, رمزٌا للتّطهير والنّقاء والنّار التي تشعل القلوب بحب الله والغيرة للتّبشير.
فامتلأ المجتمعون بالروح القدس، وأخذوا يتكلمون بألسنةٍ أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا (أعمال ٢ )
ومما لاشك فقد كان هذا حدثٌا جليلٌا وموقفٌا مهيبٌا، جماعة صغيرة خائفة داخل عليَّة صغيرة، لكنّها بخطوةٍ إلهيةٍ واحدةٍ تحوّلت إلى جماعة قوية شاهدة للعالم أجمع.
هكذا أبصرت الكنيسة النّور في يوم الخمسين، لكنّها لم تولد بعملٍ بشريٍّ ولا بأفكار أرضيةٍ، بل بحلول الروح القدس على جماعة صغيرة آمنة.
ومن تلك العليَّة انطلقت الدعوة إلى العالم، حيث آمن في يومٍ واحدٍ نحو ثلاثة آلاف نسمة بسبب عظة صغيرةٍ ألقاها بطرس الرسول، لكن تأثيرها كان أبديّاً.
وهكذا تشكّلت جماعةٌ قويةٌ في الحقّ، ممتلئةٌ بالروح والنّعمة التي تطهّر القلوب، وانطلقت الألسنة للشّهادة بأسم يسوع في الأرض كلها.
وفي تأمُّل لأحداث يوم الخمسين نتعلم عدة دروس:
1- احداث يوم الخمسين (أعمال ٢: ١-٤)
- هبوب ريح عاصف: إشارة إلى القوة التي يهب بها الله ويعمل في خلقٍ جديد.
- ألسنةٌ من نار: رمز للتّطهير والنّقاء والغيرة التي تشعل القلوب بمحبة الله وعمل النعمة
2- تأسيس الكنيسة:
يعتبر يوم الخمسين يوم ميلاد الكنيسة، حيث جماعة صغيرة خائفة صارت جماعة قوية شاهدة للمسيح القائم.
كما أن التّحدث بألسنة مختلفة يشير إلى ان الخلاص للجميع وليس لجماعة بعينها، ويؤكد على الوحدة ضمن التّنوّع على الرغم من تعدد الألسنة والشّعوب التي اجتمعت في أورشليم.
3- تأثير حلول الروح القدس على الكنيسة لقد أحدث حلول الروح القدس على الجماعة:
- زيادة الاعداد: آمن في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف شخص (أعمال ٢: ٤١).
- وحدة فى الهدف:- عاش المؤمنون في الشركة وكسر الخبز والصلوات، وكان الخوف على الجميع بسبب آياتٍ وعجائبٍ تجري على أيدي الرّسل (أعمال ٢: ٤٣-٤٧).
- غيرة فى الكرازة: أصبح الرّسل يتكلمون بأسم يسوع دون خوف يصلّون ويعلمون ويصنعون المعجزات بقوة الروح.
وأننا إذ نعتبر يوم الخمسين هو الميلاد الحقيقي لكنيسة العهد الجديد.
ففي هذا اليوم حلّ الروح على جماعة صغيرة في العليَّة لكنّها، بهذا العمل الإلهيّ، تحوّلت إلى جماعة قوية حملت شهادَة المسيح القائم للعالم بأسره.
هكذا لم تعد الكنيسة جماعة صغيرة قائمة على القوة البشريَّة، ولا على جماعة عرقية صغيرة، لكنّها جماعةٌ قائمةٌ على عمل الله في وسط أبنائها.
ونحن اليوم، بعد أكثر من ألفَي عامٍ على تلك الحقيقة الخالدة، ما زلنا أبناء تلك العليَّة… شركََاء في النّعمة والدعوة للكرازة والشهادة للأنجيل فى أقوالنا وسلوكنا.
فنحمل في داخُلِنا تلك القوة التي غيرت العالم مرة ولا تزال تغيّر القلوب والنّفوس في عصرٍ مليءٍ بالصّعوبات والتحديات.
نحتاج أن نستجيبَ لدعوة الرّوح في داخُلِنا، أن نرفعَ صوتَ الحق ليعلو عاليا لتسود مبادئ العدل والحرية و لننادى بالمحبة ليعم العالم السلام والطمأنينة فى عالم قلق ولنكرز بأنجيل الخبر السار فى وسط عالم ملئ بالحروب والصراعات السياسية والعرقية والمذهبية
نحتاج أن نعبر حدود الخوف التي رسمَها العالم لكي يصل الخلاص إلى أبعد الأقطار والنّفوس التي لم يصل إليها.
فماحدث في العليَّة لم يصل إلى نهايته بعد.
فالنّفخة التي هبَّت في يوم الخمسين ما تزال تتردَّد في الأجيال، والروح ما زال يبحثُ عن القلوب المستعدَّة للتّغيير والنّهوض والنّصرة في عالمٍ ظمآن إلى الارتواء. فهل يجد؟؟