آراء و أقلام إنجيلية

ضاحكات على الزمن الآتي!

  • بقلم: ق. رفعت طنيوس بدروس

وسط الأجواء المتوترة التي تجتاح منطقتنا الشرق أوسطية، وأيضًا الكثير من المناطق في العالم تموج بالصراعات الدامية والتفجيرات المتلاحقة، والتي تجعل الإنسان مضطرب وقلق على حياته ومستقبلة، ترد إلينا كلمات مطمئنة من كلمة الله. تعطي لنا أمل ورجاء في حياة ملء السلام والفرح. بل والضحك على ما هو آت. فنقول: "حِينَئِذٍ امْتَلأَتْ أَفْوَاهُنَا ضِحْكًا، وَأَلْسِنَتُنَا تَرَنُّمًا. حِينَئِذٍ قَالُوا بَيْنَ الأُمَمِ: "إِنَّ الرَّبَّ قَدْ عَظَّمَ الْعَمَلَ مَعَ هؤُلاَءِ"(مز126: 1) وهكذا تكون ابتسامتنا تعلن طمأنينتنا القلبية "اَلْقَلْبُ الْفَرْحَانُ يَجْعَلُ الْوَجْهَ طَلِقًا، وَبِحُزْنِ الْقَلْبِ تَنْسَحِقُ الرُّوحُ"(أم15: 13).
والكثير منا يعرف أن هناك فوائد كثيرة للضحك لصحة الإنسان. فالضحك يقلل من التوتر، ويعزز جهاز المناعة، وينشط الكثير من عضلات الوجه، ويجعل ابتسامتنا مشرقة.... الخ. * وردت كلمة ضحك بمرادفاتها في كلمة الله 42 مرة، وقد شملت الكثير من مواقف الحياة، نذكر على سبيل المثال: -
1- عدم التصديق. هناك أمور يعجز الإنسان عن فهمها أو إدراكها في وقتها. فيكون رد فعله هو الضحك. وهذا ما قام بفعله كل من إبراهيم وسارة أمرأته، عندما أعلن لهما الرب عن الأبن الذي سيولد لهما. "فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ، وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: "هَلْ يُولَدُ لابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟"(تك 17: 17)، وأيضًا "فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: "أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ، وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ؟" (تك 18: 12).
2- الاستهزاء والإهانة. رد فعل من شخص يرى أن من يتحدث أمامه ليس على قدر الحديث. فهو يتوعد ولا يملك مقومات الفعل. أو أنه يظن أنه شيء وهو دون ذلك. "اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ."(مز2: 4)، وأيضًا "قَالَ لَهُمْ: "تَنَحَّوْا، فَإِنَّ الصَّبِيَّةَ لَمْ تَمُتْ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ". فَضَحِكُوا عَلَيْهِ". (مت9: 24)
3- الجهل والتهور. الضحك على النفس، أي أن الإنسان يضحك على عدم قدرته فعل أمر ما. أو الاستهتار بالأمور والشعور بالفشل. "تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ، وَلاَ تَخْشَى وُحُوشَ الأَرْضِ" (أي5: 22)، وأيضًا "فِعْلُ الرَّذِيلَةِ عِنْدَ الْجَاهِلِ كَالضِّحْكِ، أَمَّا الْحِكْمَةُ فَلِذِي فَهْمٍ."(أم 10: 23)، فكهذا يكون ضحك الجاهل المتهور "لأَنَّهُ كَصَوْتِ الشَّوْكِ تَحْتَ الْقِدْرِ هكَذَا ضَحِكُ الْجُهَّالِ. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ"(جا7: 6).
4- الفرح والسعادة. ضحك مشاركة الأخرين الفرحة بأمورهم السعيدة ونجاحهم العملي. والتمنيات بدوام الفرح في حياتهم. "وَقَالَتْ سَارَةُ: "قَدْ صَنَعَ إِلَيَّ اللهُ ضِحْكًا. كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ يَضْحَكُ لِي"(تك21: 6)، وأيضًا "هُوَذَا اللهُ لاَ يَرْفُضُ الْكَامِلَ، وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي الشَّرِّ. عِنْدَمَا يَمْلأُ فَاكَ ضِحْكًا، وَشَفَتَيْكَ هُتَافًا،"(أي8: 20-21).
5- الأمان والطمأنينة. أسمي وأعظم أنواع الضحك في حياة الإنسان. هذا هو الضحك الذي يجعل الوجه طلقًا."يَضْحَكُ عَلَى الْخَوْفِ وَلاَ يَرْتَاعُ، وَلاَ يَرْجعُ عَنِ السَّيْفِ" (أي39: 22)، "اَلْعِزُّ وَالْبَهَاءُ لِبَاسُهَا، وَتَضْحَكُ عَلَى الزَّمَنِ الآتِي."(أم31: 25). أنه يضحك لأنه مطمئن تمامًا على حياته.
عزيزي القارئ. قف وتأمل معي في حياة وقرارات بعض النساء التي استطعن أن تضحكن على الزمن الآتي. (ضمان المستقبل). مثل: -
1- راعوث. بضمان أبديتها. "فَقَالَتْ رَاعُوثُ: "لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي". (را 1: 16). فأنها بقبولها الانتماء لشعب نعمي. شعب الرب. والاحتماء تحت جناحي الرب. صارت زوجة لبوعز من العائلة الشريفة. وولدت عوبيد. وهكذا ذكرت في سلسلة نسب المخلص.
2- نعمي. بنقاء محبتها. "اِرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ وَاذْهَبَا لأَنِّي قَدْ شِخْتُ عَنْ أَنْ أَكُونَ لِرَجُل، ..."(را 1: 12). بل أنها في محبتها الصادقة صارت مغمومة لأجل كنتيها. لذلك التصقت بها راعوث ونجيا من الجوع واستردا ميراثهم وضمنا حياتهم.
3- ابيجايل. بصدق حكمتها. "وَاسْمُ الرَّجُلِ نَابَالُ وَاسْمُ امْرَأَتِهِ أَبِيجَايِلُ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَيِّدَةَ الْفَهْمِ وَجَمِيلَةَ الصُّورَةِ، ..." (1صم 25: 3). فقدمت بحكمتها دون تملق. كلمات اسكتت بها غضب داود، وبذلك ظفرت بالنجاة. بل والزواج من داود.
4- ارملة صرفة صيدا. بكرم طاعتها. "فَذَهَبَتْ وَفَعَلَتْ حَسَبَ قَوْلِ إِيلِيَّا، وَأَكَلَتْ هِيَ وَهُوَ وَبَيْتُهَا أَيَّامًا." (1مل 17: 15). نعم الموقف صعب فما تراه في يدها لا يعبر عن إمكانية تقديم شيء للأخر. ولكن طاعة الطلب، ونسيان احتياج النفس. جاء إليها بالخير الدائم وضمان الحياة.
5- المرأة المديونة. بيقين ثقتها. "وَصَرَخَتْ إِلَى أَلِيشَعَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي الأَنْبِيَاءِ قَائِلَةً: "إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ الرَّبَّ. فَأَتَى الْمُرَابِي لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ". فَقَالَ لَهَا أَلِيشَعُ: "مَاذَا أَصْنَعُ لَكِ؟ أَخْبِرِينِي مَاذَا لَكِ فِي الْبَيْتِ؟". فَقَالَتْ: "لَيْسَ لِجَارِيَتِكَ شَيْءٌ فِي الْبَيْتِ إِلاَّ دُهْنَةَ زَيْتٍ". (2مل 4: 1-2). عرفت لمن تصرخ. فلم تصرخ للملك. بل (لله) الماثل أمامها في الرجل الحامل لكلمته. صرخت وهي تعرف ما لديها بالبيت. ويقين إيمانها أنها ستحصل على الحل لمشكلة ديونها ومعيشتها.
6- استير. بتحدي موقفها. "اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ". (اس 4: 16). فعندما تكون تعرف النتيجة قبل الفعل. لابد أن تصاب بحالة التردد. ولكن عندما تفضل مصلحة شعبك عن حياتك. فهكذا تتصرف وتُقدم على فعل مغاير للعوائد لتستطيع أن تدفع الشر عن شعبك دون نفسك. وهنا تكون النجاة وضمان الحياة للجميع.
7- طابيثا. باستخدام موهبتها. "وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا" (أع 9: 36). ليس الأمر أمكانيات بل تقديم المتاح لديها. دون تردد وفي بساطة. فكان عمل لسد احتياج كثيرين وضمان حياتهم وحياتها.
عزيزي القارئ. هؤلاء سبعة نسوة ضحكن على الزمن الآتي. فهل تعرف بعض من الرجال أيضًا فعلوا هكذا؟؛ ليتك تفكر وتكتب لتفرح معي. وإلى اللقاء. والرب معك.