زوال مرارة الموت
8/4/2025 12:00:00 AM
" زوال مرارة الموت بين وهم شفاعة الاصدقاء ويقين الرجاء "
نعم فالموت الجسدي عدو وعدو لدود للإنسان. بما أنه يحطم الأحلام في مستقبل الحياة. لكن الرسول بولس أعلن نهاية هذه العداوة بقيامة الرب يسوع من الموت، إذ أنه بقيامته أبطل مفعوله ضد حياة الإنسان الذي سلم القلب في إيمان صادق وحياة طاهرة لمجد الله. فأصبح الموت الجسدي له بمثابة قنطرة عبور من حياة لحياة. "آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ"(1كو15: 26).
القارئ الكريم. نقف مع ثلاث شخصيات واجهوا الموت الجسدي. لكي نتأمل أسباب رد فعل كل منهم، وهل حقق كل منهم ما يرجوه؟
1- مشتهي الموت. سبق وعرفنا أن الموت عدو للإنسان. فكيف يشتهي الإنسان أن يتقابل مع عدوه؟، تأتي إلينا الإجابة على لسان المشتهي فيقول: "لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا"(في1: 23). وهنا تأخذنا الدهشة فهو لم يدعوه موت. بل انطلاق. والشخص المنطلق هو في الحقيقة حي بكامل صحته وعنفوانه، كما أنه منطلق وهو متيقن من وصوله لهدفه. فالرسول بولس كان متحير بين حياتين. أن يبقى في حياة الجسد (العالم) من أجل الكرازة وإعلان خبر الإيمان بيسوع المسيح للشعوب. وبين شهوته في حياة الروح (السماء) مع الرب يسوع. ولأنه قد سلم القلب للرب وعاش حياته متمثلاُ به. فضمن مصيره الأبدي. فهو يشتهى أن تنتهي غربته في الجسد ليستوطن عند الرب "فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ."(2كو5: 8).
2- خائف من الموت. الخوف يأتي دائمًا من الشيء المجهول. كانت كلمات إشعياء النبي للملك حزقيا: "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: أَوْصِ بَيْتَكَ لأَنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ"(إش38: 1). ولأن حزقيا يجهل ما بعد الموت. لذلك وجه وجهه نحو الحائط وأخذ يصلي ويطلب من الرب أن يتذكر حياته الأمينة معه. "وَبَكَى حَزَقِيَّا بُكَاءً عَظِيمًا"(إش38: 3). وهنا نرى الفارق الشاسع بين بولس الرسول وحزقيا الملك. فهذا يشتهي وهذا خائف ويبكي! والسر في المعرفة. فمن يعرف مصيره لا يقلق ولا يخاف من مستقبل الحياة بل يستطيع أن يقول" لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ"(رو14: 8).
3- ناج من الموت. هذا هو المخدوع أو قل خادع نفسه. بأن صدقاته تأتي بنجاته. فعندما أقتيد أجاج ملك عماليق الذي تم أسره للوقوف أما صموئيل النبي قال: "حَقًّا قَدْ زَالَتْ مَرَارَةُ الْمَوْتِ"(1صم15: 32). والسبب في فرحته بزوال مرارة الموت، هو عفوا شاول والشعب عنه وعدم قتله، وبذلك توطدة صداقة بينهم. فظن أجاج في نفسه أن صموئيل سيكون أكثر رحمة وشفقة عليه لأنه رجل الله. بل أكد لنفسه أن صموئيل سوف يعفوا عنه كما فعل شاول والشعب. وهنا درس للجميع فالنجاة من الموت ليست بالظنون، والصدقات حتى ولو بالقديسين رجال الله. بل بالحياة الطاهرة بحسب فكر الرب. لذا أمر صموئيل بقتل أجاج كما أمر الرب.
القارئ الكريم. دعنا في كلمات قليلة جدًا؛ لكي أترك لك فرصة التأمل الشخصي العميق. (وهذا هو بيت القصيد) لنعرف معًا (كيف تزول مرارة الموت؟). فأنها تزول: -
1- بصدق الحياة. "اَلشِّرِّيرُ يُطْرَدُ بِشَرِّهِ، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَوَاثِقٌ عِنْدَ مَوْتِهِ. (ام 14: 32)، وهذا ما وثق به الرسول بولس فقال: "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ"(في 1: 21).
2- بضمان النجاة. "لِهذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ"(2تي 1: 12).
3- بتأكيد ابن الله. قال الرب يسوع: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ" (يو6: 47)، وأيضًا وعد كل من يؤمن به ويحيا الحياة التي تمجده "وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، (يو14: 3)، لذلك قال الرسول بولس: "فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ"(رو 6: 8).
* ماذا عني وعنك. ماذا سنقول؟، ليتنا نعرف حياتنا جيدًا. فنقول مع الرسول بولس: "لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ". والرب معك.