العشاء الربانى ..الإستحقاق وطرق التناول
6/19/2023 12:00:00 AM
يؤمن الإنجيليون بكل طوائفهم ومذاهبهم بفريضتي المعمودية والعشاء الربانى على اساس امر السيد المسيح الصريح بممارستهما ( اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس مت 28: 19)عن المعمودية ، (واصنعوا هذا لذكرى لو22/ 19) عن العشاء الربانى، كما ان الفريضتين تشيران معاً الى معنى المسيحية وجوهرها ، فالمعمودية تشير الى إغتسال المعمد من الخطية، والولادة الجديدة، والعشاء الربانى يشير الى عمل المسيح من أجل الكنيسة بموته من أجلها على الصليب اذ قدم نفسه ثمنا من اجل خلاصها
والعشاء الربانى هو الفريضة الثانية التى امر الرب يسوع الكنيسة من بعده بممارستها، ومن الواضح من قراءة الكتاب المقدس ان الرب يسوع هو الذى وضع واسس هذه الفريضة فى احتفاله مع تلاميذه بالفصح اليهودى اذ انه أخذ خبزاً وشكر وقال لهم خذوا كلوا ،هذا هو جسدى، وهكذا فعل مع الكاس اذ انه أخذ الكاس وشكر ثم اعطى التلاميذ وقال لهم اشربوا منها كلكم ( مت 26: 26-28) وقد فعل الرب يسوع ذلك ليذكر تلاميذه بموته من اجلهم ولكي يخبروا به الى ان يجئ.
ففريضة العشاء الربانى كما رسمها الرب نفسه ، حدد فيها استعمال اشياء حسية مادية هى الخبز والكاس عند تناولها بالإيمان تعطى مدلولا روحيا ولذا فهى بمدلولها الروحى هى فريضة قاصرة على شعب الرب اى الكنيسة، وهكذا يتبين لنا أن الأساس التاريخى لفريضة العشاء الربانى هو الفصح عند شعب الرب فى العهد القديم ، وخروف الفصح يرمز الى حمل الله الذى يرفع خطية العالم, غير أن الأسماء الكتابية للعشاء الربانى هي كالتالي ؛ -
1- عشاء الرب 1كو 11: 25 والعشاء كما هو معروف عن القدماء هو الوجبة الرئيسية ولان الرب يسوع رسمه بعد اكل عشاء الفصح وسمى بعشاء الرب لان الرب يسوع هو الذى اسسه
2- مائدة الرب 1كو 10: 21 وهذ يعنى ان الرب هو المضيف الذى يقدم لشعبه مائدة
3- شركة جسد الرب 1كو 10 : 16 على اساس ان الجماعة مرتبطة بجسد الرب
4- أفخارستيا اى الشكر مت 26: 26، 27
5- كاس البركة ( 1كو 10/ 11 اى الكاس التى باركها المسيح، ولعل من الأشياء الملفته للنظر هي أن العناصر التى استخدمها الرب يسوع فى ممارسته للفريضة هما الخبز وعصير الكرمة وهى نفس العناصر لتى كان اليهود يستخدمونها فى الأحتفال بالفصح ، فقد كان اليهود حسب الشريعة يأكلون خبزا فطيرا غير مختمرا تذكرا لقصة خروجهم من مصر بعجلة حين اخرجهم الرب بيد شديدة وذراع ممدودة وكما كان على مائدة الفصح عصير الكرمة هكذا أستخدمه الرب ، ومن هنا يتبين لنا أنه لا أهمية لنوعية الخبز او الكاس المستعملة لكن الفائدة فقط تاتى عن طريق ايمان المتناول وليس على نوعية الخبز ولا نوعية الكاس ، فالحرف يقتل اما الروح فيحيى
لذا فالعبرة لاتكمن لا فى نوعية العناصر المستخدمة ولا فى كيفية الممارسة ولا فى الشخص الذى يقوم يتوزيع الخبز او الكاس ، انما العبرة تكمن فى ايمان المتناول للمائدة.
ولعل بمكننا القول أن للعشاء الربانى عدة معاني تتمثل في التالي :-
1- عهد :- عهد بين المسيح واتباعه وتلاميذه من المؤمنين ( متى 26/ 28، 29)
2- ذكرى :- ( لو 22: 19، 1كو 11: 24) وهى بالطبع ليست ذكرى تاريخية لحادث مضى فالسيد المسيح لم يمت شهيدا لكنه مات من اجل خلاصنا وقام من اجل تبريرنا فالذكرى هنا هى ذكرى حية متجددة امام اذهاننا لذا نقول ( مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحي في غلا 2: 20)
3- شكر :- والتي جاءت بمعنى كلمة افخارستيا وقد اخذ هذا اللقب عندما اخذ يسوع الخبز وبارك واخذ الكاس وشكر (مت 26:26، 27) ، وقد بارك السيد المسيح الخبز وشكر على الكاس لاجل خطة الله لفداء البشر. شكرا لله على عطيته التى لايعبر عنها
4- اخبار:- ( 1كو 11: 26 وتخبرون بموت الرب الى ان يجئ ) فالتناول من عشاء الرب فرصة بها نخبر الاخرين عن عمل الرب معنا بطريقة ملموسة فكما كان شعب الرب فى القديم يجتمع حول عشاء الفصح ويتناول من الفصح وياكل من الاعشاب المرة والزوفا ليتذكروا ويخبروا عن عمل الله معهم لاخراجهم من ارض العبودية هكذا نفعل نحن كلما ناكل من الخبز ونشرب من الكاس نذكر ونخبر بكم صنع الرب بنا ورحمنا
5- امتحان النفس :-( 1كو 11: 26 ولكن ليمتحن الانسان نفسه) فتناولنا من فريضة عشاء الرب فرصة لامتحان النفس وتجديد القلب للتوبة وتاكيد الإيمان ولإعداد النفس للطاعة ومن هنا فالعشاء الربانى هو احد وسائط النعمة التى ينبغى ان يمارسها المؤمن للنمو فى حياته الروحية
6- شركة:- ( 1كو 10: 16 ) اى أن العشاء فى قوة هذا العهد يتحول الى شركة مستمرة بين المؤمنين وبعضهم والمؤمنين وربهم.
ثم نأتي لنقطة في غاية الأهمية وهي تتلخص في السؤال التالي والإجابة عليه وهو من يجوز له أو من هو المستحق تناول العشاء الربانى؟ والأجابة تقودنا إلى أن ندرك أن العشاء الربانى قد اعطاه السيد المسيح لتلاميذه المؤمنين وبالتالى لايجوز لغير المؤمنين التناول من مائدة الرب ، بل ان المؤمنين ايضا قبل تناولهم لابد ان يكونوا مجهزين ومستعدين للتناول ( من اكل هذا الخبز او شرب كاس الرب بدون استحقاق يكون مجرما فى جسد الرب ودمه ، لان الذى يأكل ويشرب بدون إستحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب ( 1كو 11: 27، 29 )، والإستحقاق هنا ليس هو الاستحقاق الذاتى فليس هناك من يستحق فى ذاته لكنه الإستحقاق النيابى الذى به يحسب بر السيح الذى قبلناه برا لنا.
وذلك يقودنا إلي كيفية وطرق تناول العشاء الرباني وهو أن السيد المسيح له المجد قد أعطى الخبز اولا والكاس بعدها ووهكذا ينبغى ان يتناول المؤمنون الخبز والكاس منفصلين كل عنصر على حدة.
**ومن ثم وكما فعل المسيح وبارك الخبز وشكر على الكاس هكذا ينبغى ان تكون هناك صلاة على الخبز وصلاة على الكاس
** وكما ان السيد المسيح لم يحدد ميعادا لتناول هذه الفريضة بل تركها لاستحسان المؤمنين اذا انه قال اصنعوا هذا لذكرى دون ان يحدد موعدا ، وكما قال الرسول بولس ( فانه كلما اكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكاس تخبرون بموت الرب الى ان يجى 1كو 11: 26) والكلمة كلما تفيد الاستحسان ، ، ولهذا السبب يتحدد الميعاد بحسب الاستعداد والملاءمة اذ يجوز تناول الفريضة كل يوم او كل اسبوع او كل شهر بحسب المواءمة والترتيب لكل كنيسة.
يقودنا ذلك أو مما تقدم إلى أن طبيعة تناول العشاء الربانى
من منظورنا نحن كإنجيليين وحسبما جاء ذلك في تعاليم الكتاب هو أن العشاء الربانى بمثابة واسطة روحية من وسائط النعمة التى يمارسها المؤمنون لا لمجرد الذكرى ولا لفائدة فى العناصر المستخدمة فالخبز لايتحول الى جسد ولا يتحول الكاس الى دم وذلك لأنه من المعروف ان السيد المسيح عندما قال لتلاميذه خذوا كلوا هذا هو جسدى أو عن الكاس هذا هو دمى كان له المجد حيا بجسده ودمه ولم يفهم التلاميذ حينها ان المسيح عندما اعطاهم الخبز والكاس كان يقصدهما حرفيا ، بل فهموا ان الخبز او الكاس هى جسد المسسح اودمه بالمعنى الحرفى ، بل فهموها بالمعنى الروحى الذى نفهم به كل الصفات التى شبه السيد المسيح نفسه بها مثل( نور العالم، الكرمة الحقيقة، الباب،الطريق) ولايمكن ان نفهم من هذه الالقاب ان المسيح هو كرمة اوباب بالمعنى الحرفى للكلمة ، كما انه من المنطقى ان السيد المسيح ليس له جسدان احدهما صعد للسما والاخر هنا فى التناول ، وهل نعمة الله تقبل بالأنسان؟؟
وبالتالى فأن العشاء الربانى نتناوله بالايمان كشركة يدعونا فيها الرب الى مائدته وشركة بعضنا مع بعض على ذات الصورة التى تمت فى العشاء الرباني الاول ، وهى شركة روحية بها نؤمن ان المسيح حاضر روحيا لا حرفيا فى المائدة ولذا فالفائدة من التناول لايتوقف على المواد المستخدمة فى التناول ولا فى من نأخذ منه التناول ولا فى الطريقة التى نتناول بها لكن الفائدة الحقيقة هى فى الإيمان الذى نتناول به ونتقدم به الى المائدة والتوبة وإمتحان النفس الذى به نتقدم فنتجدد يوما فيوم.