العشاء الرباني في الفكر الإنجيلي

• بقلم: د.ق. مدحت موريس

7/10/2023 12:00:00 AM

أول ما كتب كالفن عن العشاء الرباني، كتب عن أسباب وضع هذه الفريضة، فـ"في الفصل السابع عشر من كتابه الرابع لدستور الديانة المسيحية يبدأ كالفن حديثه بالسؤال الآتي: لماذا وضع المسيح فريضة العشاء الرباني؟ وفي إجابته على هذا السؤال يشرح أن الله قد قَبِلنا في بيته ليس كعبيد، بل كأولاد أحباء وهو أبٌ لنا، وكأب محب عطوف فهو يعتني بحياة أولاده وتغذيتهم والسهر عليهم، ولذلك فهو يقدم للمؤمنين طعاماً روحياً شهياً ويدعـوهم إلى مائدة روحية، خبزها يسوع المسيح ابنه الوحيد... فعندما يتقدم المؤمن للاشتراك في المائدة، إنما يتقدم للتغذية بطعام روحي شهي تحتاج إليه روحه، فإن الخمر والخبز يمثلان بطريقة منظورة وملموسة الطعام غير المنظور الذي قدمه لنا المسيح بموته على الصليب، عندما كُسِرَ جسده وسال دمه."
وتأكيداً على أهمية فحص النفس كتب كالفن هذه الكلمات: "كل من يتقدم إلى هذا السر بازدراء أو لامبالاة، يسيء استخدام هذا السر مشوِهَاً وملطِخَاً إياه، إن تلويث ما قدسه الله وتلطيخه لهو تدنيس لا يُطاق... ولكن ينبغي أن نكون منتبهين، فمع أنه لا يمكن أن نتساهل في مسألة فحص ذواتنا كما يأمرنا ربنا، إلا أنه لا يجب أن ترتبك بالتعاليم المربكة والمفرطة التي تحول حياتنا لجحيم مريع من خلال المطالبة بفحص ذاتي غير معقول وغير ممكن، يجدر بنا أن نفحص ذواتنا، إن كنا حقاً تائبين، ولنا إيمان حقيقي بربنا يسوع، غير مرتكنين على صلاح فينا، بل مرتكزين على عمل نعمته الكافية."
وعن وقت العشاء الرباني هل هو يومي أَم أسبوعي أَم سنوي، لام كالفن وبشدة ممارسة العشاء الرباني مرة واحدة في العام، حيث يقول: "يجب ممارسة العشاء الرباني على نحو متكرر." كل ما في الأمر "المواظبة"، وإن كان لم يحدد، فالمواظبة مع الإدراك هو أهم ما في الأمر، ولا تمنع الكنيسة الإنجيلية المرأة أبدًا من التناول في أي وقت لها على الإطلاق، وأقصد "الدورة الشهرية"، فهذا لا يمنع أبدًا من التناول، كذلك لا تمنع الكنيسة الإنجيلية تناول الأطفال، وإن كان من اللازم تبسيط وتوضيح معاني العشاء الرباني بالطريقة التي تناسبهم، وهنا يمكن تناول الأطفال معًا بعد توضيح معاني العشاء الرباني، والصلاة معهم. إن الله في ضعف الإنسان يقدم له العشاء الرباني ليؤكد على مواعيده، إنها مثل الختم الحكومي الذي يعطي الشرعية لأي مستند، هكذا أيضاً المائدة المقدسة بمثابة ختم لمواعيد الله، وهي علامة خارجية يستخدمها الله ليؤكد للمؤمنين داخلياً على وعوده الرائعة، ويمكن تلخيص فوائد المائدة الروحية عند كالفن في ثلاثة أزمنة:
1. في الماضي: ذكرى لموت المسيح.
2. في الحاصر: شركة وشهادة، وهذا يتضح من خلال (1كو10: 17، 11: 26).
3. في المستقبل: الإشارة إلى مستقبل الكنيسة، وهذا يتضح من خلال (لو22: 16 و18).