آراء و أقلام إنجيلية

عمق التدفق الكتابي في فريضة العشاء الرباني

  • بقلم: ق. أيمن عيد فايز

في ضوء كلمة الله اٌشير إلى الفريضة المقدسة في خماسية:
أولاً: الفريضة المقدسة في مفهومها:
الفريضة الكهنوتية المقدسة، هي صورة رمزية للمرسوم الإلهي العظيم، الذي رسمه الله للإنسان، للتقرب إليه للعبادة والسجود، من خلال الذبيحة الكفارية الكاملة، في عمق ظلالها ورموزها، التي أعلنها الله للإنسان منذ بدء الخليقة، وذلك بالإلهام في فترة ما قبل التدوين، حيث تجسدت هذه الرموز في شخص ربنا يسوع المسيح، الذي أشار إليه يوحنا المعمدان قائلا: "هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!" ( يو1: 29).
ثانيًا: الفريضة المقدسة في مكوناتها:
الفريضة المقدسة تتكون من: (خبز، وخمر) إشارة لجسد المسيح ودمه الكريم، الذي قدم نفسه لله كفارة أبدية ( رو3: 25؛ 1يو2: 2)
ثالثًا: الفريضة المقدسة في رموزها وحقيقتها:
1- يرد أول ذكر لهذه الفريضة الكهنوتية المقدسة في رموزها وظلالها، عندما تقابل الكاهن ملكي صادق وبارك إبراهيم ( تك14: 18) ولأجل ذلك يبرّهن كاتب العبرانيين قائلاً: أن يسوع المسيح السرمدي في كمال كفارته هو رئيس الكهنة الأعظم على رتبة ملكي صادق الذي يسبق الناموس والكهنوت اللاوي الغير كامل ( عب6: 20؛ 7: 11- 17).
2- نرى التدرج الرمزي للمسيح: في خروف الفصح، لفداء الشعب من الهلاك ( خر12). في 14 نيسان وهذا الشهر أضحى أول شهور السنه العبريه، إذ هو بمثابة مولد الأمة اليهودية وتاريخها الجديد بعد العبودية.
3- أيضًا نرى التدرج الرمزي للمسيح: عندما عبر الشعب للبرية، فجاعوا وتذمروا، فأمطر الله لهم خبزًا من السماء ( خر16: 4، 14) وبذلك نرى يسوع المسيح هو المنّ النازل من السماء الواهب حياة أبدية ( يو6: 32- 35).
4- بالإضافة إلى ذلك، نرى التدفق الكتابي لرموز الفريضة الكهنوتية المقدسة في كهنوت لاوي، من خلال خبز الوجوه الدائم في خيمة الإجتماع ( خر25: 30) الذي هو رمز للمسيح خبز الحياة، وقد أمر الله موسى وهرون، بإضافة الّلبان على خبز الوجوه الدائم، تذكارًا وقودًا دائمًا، رمز الصلاة الشفاعية الكاملة الدائمة المزامنة لخبز الحياة ( لا24: 5- 9؛ عب7: 21- 28) وبذلك نرى كهنوت لاوي عن نفسه وبصفته عن الشعب، يأكل خبزًا مقبولاً في كمال كفارة وشفاعة المسيح السرمدي.
5- كذلك نرى التدفق الكتابي الرمزي للمسيح في معيته لشعبه، أثناء الترحال في البرية، كانوا بنو قهات هم المنوط بهم فقط، أن يحملوا أساس القدس وقدس الأقداس، المغطى بثوب كله أسمانجوني اللون السماوي، وثوب قرمز اللون الاحمر ( عد 4: 7) وبذلك نرى المسيح السماوي الفادي، وقبول شعبه في كمال كفارته، أثناء الترحال في البرية.
6- وهكذا نرى إستمرار الفريضة الكهنوتية المقدسة، في العهد القديم حتى بعد عودة المسبيين من السبي البابلي ( نح 10).
7- ولذلك نرى عمق التدفق الكتابي، من الرمز إلى الحقيقة والجوهر، في شخص ربنا يسوع المسيح، أثناء العشاء الرباني، فقال المسيح: ".... وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا." ( مت26: 26- 28).هذا هو العهد الجديد بين المسيح والمؤمنين.
❖ أيضًا أعلن الرب يسوع جهارًا هذا الحق: انه هو خبز الحياة ( يو6).
❖ ويؤكد الوحي الإلهي للمؤمنين على مدار الزمن، وذلك بعد قيامة المسيح بنحو 30 عامًا فصاعدًا، ان المسيح: قدم جسده ودمه كفارة أبدية في العهد الجديد ( 1كو11: 23- 32).
❖ كذلك يؤكد الوحي ان المسيح هو: الفصح الحقيقي الذي ذٌبح لأجلنا، وهذا الفصح الأبدي الكامل هو بمثابة مولد الكنيسة ( 1كو5: 7- 8).
رابعًا: الفريضة المقدسة، وشروط تناولها، وأوقاتها:
فهي:
❖ شكر: "أفخارستيا" شكر وعهد ( مت26: 26- 27).
❖ تذكار: ذكرى دائمة في حياة المؤمن ( لو22: 19).
❖ شركة: شركه روحية مع المسيح ( 1كو10: 16-17).
❖ لتناولها: يجب الإعتراف والتوبة الصادقة ( لا21: 21؛ 1كو11: 28).
❖ أوقاتها: في إجتماع العبادة بعد العشاء ( أع2: 42؛ 20: 7)، أي في حالة الإستعداد للعابدين معًا ( 1كو11: 26).
خامسًا: الفريضة المقدسة ونظرياتها:
1. نظرية الذكرى: أي ذكرى فقط.
2. نظرية الحلولية: أي ان المسيح يحلّ بالايمان في الخبز والكأس.
3. نظرية الإستحالة: أي أن الخبز والكأس يتحولان فعلاً مفعولاً إلى لحم ودم.
4. نظرية الشركة: ان العشاء الرباني هو ذكرى دائمة، وشركة روحية، مع المسيح بالروح القدس.

ختامًا أقول:
عندما جلس السيد المسيح على مائدته، وأعطى تلاميذه الكأس، وهي تمر بينهم، حتى يعود الكأس له، فهو حتى الأن ينظر للكأس الذي يمر بين المؤمنين، حتى يعود الكأس له بعد نهاية الزمن والتاريخ الإسخاتولوجي، بكمال المفديين ويتحقق القول ( مت27: 19).