آراء و أقلام إنجيلية

الـتـنـاول

  • بقلم: الاسقف/ عادل هارون

يعُد العشاء الرباني {التناول } في المسيحية أحد الفرائض الأساسية التي أسسها الرب يسوع المسيح له المجد في الليلة الأخيرة قبل الصليب وهو يوم الفصح بحسب الشريعة اليهودية إنجيل لوقا ص 22 والتناول كلمة يونانية : إفخارستيا والتي تعني الشكر أو الشركة المقدسة، إذ يقول الكتاب المقدس " في الليلة التي اسلم فيها يسوع أخذ خبز و شكر و كسر" 1كو24:11 والعشاء الرباني أو عشاء الرب له أسماء أخرى مائدة الرب 1كو 21:10 و كسر الخبز أع 42:2 و شركة جسد المسيح 1كو 16:10 وهو علامة مرئية لشيء داخلي وغير مرئي ، الوسيلة التي يعمل بها الله فينا من خلال قوة الروح القدس فعندما نحتفل بعشاء الرب ، نتبع ما فعله يسوع عندما كسر الخبز وشرب الكأس مع تلاميذه في الليلة التي سبقت موته على الصليب ، ويختبر المؤمنون سراً عميقاً أن المسيح نفسه حاضر وحياته فينا وتصبح حياتنا فيه. وكلمة سر لأنه إشارة سرية الى موت المسيح وفوائده للمؤمنين
وكانجيليين نؤمن إن النعمة التي تظهر في الأسرار المقدسة أو من خلالها ، لا تمنحها أي سلطة بشرية كما لا تعتمد فعالية الأسرار على تقوى الشخص الذى يقوم بتقديمها فى الكنيسة ولكن على عمل الروح القدس ومن ثم فحياة الكنيسة والشركة بين المؤمنين تتم بفعل عمل الروح القدس وهو يقود الكنيسة ويرشد أعضائها ويوحدهم لأداء المهمة العظمى للتأثير الإيجابي على حياة البشر فى كل مكان وزمان حتى مجئ المسيح ثانية له كل المجد.
وكمسيحيين نفعل هذا ونحن نشكر لأجل صنيع المسيح يسوع لأجلنا والذي صنعه بأن أسلم نفسه يوم خميس العهد الذي تم فيه عمل العشاء الأخير ومن ثم صلبه لأجلنا وموته الذي تكلل بقيامته في اليوم الثالت لنقوم معه في الحياة الابدية ، و في العشاء الرباني إذ نتذكر ما صنعه لأجلنا نتحد معه في موته إذ قدم نفسه علي الصليب ليموت هو بديلا عن كل البشرية لتحيا الخليقة بحياته إذ يقول الكتاب "وهو مات لاجل الجميع لانه هكذا أحب الله العالم.." 2كو15:5
لقد كان الفصح يُعمل سنوياً تذكاراً لما حدث في خروج شعب الله قديماً من أرض مصر فكان يذبح خروف الفصح الذي كان يشير ويرمز الي نجاة الشعب و البيوت من الهلاك ويوضع دمه علي العتبة العليا و القائمتين لكل بيت فيعبر الملاك المُهلك عن هذا البيت لأنه مكتوب " ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها فأري الدم و أعبر عنكم " خروج13:12 ومن هنا كان الفصح الأخير الذى صنعه المسيح هو رمز وأشارة الي ما سوف يصنعه بنفسه علي الصليب بتقديم نفسه لأجلنا كما هو مكتوب "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا إذاً لنعيد " 1كو7:5 لذلك نحن بالايمان نصنع هذا وبالايمان نقبل عمل المسيح الكفاري بالروح القدس متذكرين صلبه وموته وقيامته فنفرح ونبتهج ، وكأنجيليين إذ نعترف بأهيمة و قدسيه فريضة العشاء الرباني ( التناول ) فبالتالي تُقدم وفقط لمن اختبروا نعمة الله أي من قبلوا المسيح يسوع مخلًصاً شخصياً لحياتهم و يعيشوا الايمان المسيحي بسلوك يمجد الله و المسيح يسوع وتُقدم المائدة لجميع المؤمنين رجال وسيدات شباب وشابات وإن كان يختلف البعض من الانجيليين في تقديمها للاطفال و الأولاد الصغار لأستنادهم علي كونهم لم يدركوا بعد الايمان الحي بالمسيح المقام من الاموات ، ولا توجد في الكنيسة الانجيلية قيود في فكرة متي تُقدم المائدة فهناك من يري أنها اسبوعيا "وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا أع 7:20 " و الآخر شهرياً لكن الجميع يتفق علي أن المائدة المقدسة فريضة أساسية لابد أن تُقدم وتُمارس في الكنيسة لكل المؤمنين بالروح القدس .
والتناول فريضة تستحق الأهتمام للكثير من الأسباب فنحن نموت مع المسيح بموته ، فنموت عن الخطية لكي لا نكون بدون إستحقاق فى تناولها 1كو 11 ونتحد كواحد باشتراكنا في تناول جسد المسيح و دمه "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟" (1 كو 10: 16).ونتقدس في ممارستها وبالتالى يمتحن الانسان نفسه أى يراجع نفسة قبل الإقبال علي التناول 1كو11 فيختبر موت المسيح و قيامته وبالتالى نعيش هذه القداسة بسلوك حي لمجد الله و ننتظر مجيئه الثاني.
إذاً فالتناول من الفرائض الاساسية في عقيدتنا الانجيلية و قدسيتها هامة جدا و ممارستها واجب دينى روحى ، وهي عطية المسيح للكنيسة التى هي جسده علي الأرض وهى تمثل الشركة العميقة والتى من خلالها يغذينا المسيح ويقوينا ويعزينا باستمرار الى وقت مجيئه ثانية .