آراء و أقلام إنجيلية

الجهاد كما رسمته المسيحية لنا

  • بقلم: أ. مارسيل فؤاد

الرسول بولس يُدعى رسول الجهاد وهو مستحق لهذا اللقب بجدارة، قال في الرسالة الثانية إلى كنيسة تيموثاوس "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، .." وبولس قبل لقائه بالمسيح كان يدعى شاول حسب إعتقاده القديم يرى أنه بإضطهاد الكنيسة يؤدي خدمة لله، فكان يصل به الأمر إلى أنه يدخل البيوت ويجر الرجال والنساء من الذين صاروا مسيحيين، ويسلمهم إلى السجن (أع 8 :3) ويقول عنه لوقا أنه كان موافق على رجم أستفانوس أول شهيد للمسيحية في (أع 8 :1) ،ولكن عندما تقابل مع المسيح تحمل نفس الإضطهاد الذين كان يقوم به من أجل إيمانه وقال أية محورية فى مفهوم الجهاد فى المسيحية وهى " وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا " (2تيمو 2: 5) ،ويشبّه خدمته للمسيح بجهاد المجتهد في الملاعب اليونانية المشهورة،وهذا العدد الكتابي يضعنا أمام بعض الأسئلة المهمة :

ما هى قوانين الجهاد التى يحتاج إليها كل مؤمن بالمسيح ؟
أولاً: الحرب روحية وليست جسدية :
"إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً" (2كو10: 4) أى أن سلاح المؤمن ليس شىء جسدى بل سلاح روحي، ويجب أن يتحلى بالإيمان الذي يرى ما لا يُرى، والثقة بما يرجى، وأن تكونه عينيه مثبتة صوب هدفه: «أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي٣: ١٤).
ثانياً : الجهاد قانوني :
«وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا» (٢تيموثاوس٢: ٥) فالمتسابق أو اللاعب فى أي رياضة لا يمكنه أن ينظم بنفسه قواعد اللعبة كما يحلو له ، وعليه أن يواصل سباقه وفقاً للقواعد الُمتَّبَعَة (قَانُونِيًّا)، ونُخطئ الهدف عندما نظن أن علينا تنظيم قواعد سلوكنا فى حياتنا المسيحية بل علينا إخضاع كل شئ لإرادة الله منبع ومركز الحياة وسيدها ،والمعلنة لنا في الكتاب المقدس ، والروح القدس من خلال الشركة والعلاقة العميقة مع الله .

ما هى مجالات الجهاد ؟
أولاً: الجهاد في الصلاة :
حيث يقول "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَبِمَحَبَّةِ الرُّوحِ، أَنْ تُجَاهِدُوا مَعِي فِي الصَّلَوَاتِ مِنْ أَجْلِي إِلَى اللهِ" (رو15 :30)،وفى الإيمان المسيحي نصلى من أجل بعضنا البعض وهى دعوة للخروج من الذات والشعور بالأخر، فبرغم من كونه رسول كبير إلا أنه يطلب صلاة المؤمنين ويشجع المؤمنين بصلاة بعضهم البعض (كو4 :14) ’’مجاهد كل حين لأجلكم بالصلوات‘‘.
ثانياً : الجهاد في ضبط النفس:
"وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى" (1كو9 :25).
هذا تشبيه مأخوذ من الرياضة ، الشخص الرياضي يحرم نفسه من بعض الأطعمة ويلتزم بنظام محدد صارم حتى يفوز لذلك يقول فى نهاية هذه الايات " بل أَقمع جسدي واستعبده" و الذي يجاهد لا يأخذ حريته تماماً ولا يعطي الجسد راحته تماماً فمثلاً الذي يتسابق في الألعاب الرياضية يخفف من كل شيء حتى يكون أكثر لياقة للسباق هكذا الحياة المسيحية جهاد وسباق ويلزم أن نتعامل بدون أن ننغمس في أمور تجعلنا غير متحكمين في غرائزنا ولا سيما إن هؤلاء الكورنثيين كانوا منغمسين في حالة ترف.
لذلك يؤكد الرسول عندما يقول "احفظ نفسك طاهراً" (1 تي 5: 25)، ويطلب الرسول مستوى اكثر صعوبة وهو الابتعاد ليس عن الشر فقط بل شبه الشر أي كل صورة للشر، مهما بدت باهتة.
ثالثاً : الجهاد ضد الخطية :
"لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ" (عب 12 :4) ، وهنا يطلب الرسول منهم أن يرفضوا الخطية حتى لو كانت النتيجة اضطهاد حتى الموت لأن هؤلاء المؤمنون اليهود محبطين للغاية لأنهم كانوا يعانون من اضطهاد اجتماعي ومادي كبير.
والجهاد في الطهارة مثل يوسف حتى نصل في علاقة مقدسة مع الله ويؤكد عليها فى (2بط3 :14) حيث يقول " لِذلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ ".

ما هى مكافاّت الجهاد التى يحصل إليها كل مؤمن بالمسيح ؟
1- النصرة في العالم الحاضر: «يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ تَسُودُ» (أمثال١٢: ٢٤) أما «اَلْعَامِلُ بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِي» (أمثال١٠: ٤)، لذلك يقول الرسول بولس «لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي» (أعمال ٢٤: ١٦) .
2- نوال الأكاليل : «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ» (٢تيموثاوس٤: ٧، ٨)،لقد كان الرسول بولس متأكد أن هناك إكليل ينتظره في السماء وهو إكليل المنتصر.
ماذا عنك ؟ يحفظنا الرب أن نقف في خجل كديماس الذي ترك خدمته والجهاد لأنه أحب العالم الحاضر .هذا هو الجهاد حسبما رسمته المسيحية لنا في الإنجيل المقدس