الهجرة المرفوضة كتابيا
10/9/2023 12:00:00 AM
القناعة بما كتبه الله لنا جزء هام في ترتيب أوضاع حياتنا سواء المعيشية منها أو الروحية ..والقناعة لن تأتي إلا من خلال إيمان عميق بكلمة الله وإرادته في حياتنا .. والقناعة بالشبع والغني هو شعور داخلي وليست بفعل مؤثرات خارجية وإن نجاحك في الحياة يتوقف على إرادتك ورغبتك المصحوبة بإيمان قوي بأن يد الله سوف تصحبك طالما أن هدفك نبيل وسامي وإن قصد السبيل في ذلك هو الله .. أى أننا نعمل لما هو باق وليس لما هو حتما سوف يزول.
وبكل تأكيد سوف يتحقق لك النجاح الذي تهدف إليه سواء كان في الداخل أو في الخارج طالما وضعت الله نصب عينيك ووثقت في قدرتك وسخرت كل إمكانياتك في خدمة نفسك والمجتمع وعزمت أن تكون حياتك لمجد الله ..ومثلما ذكرت سواء كان ذلك في بلدي أو في أى بلد أذهب إليه ..فالنجاح ليس له علاقة لا بالزمان ولا بالمكان ولكن له علاقة وثيقة بالرغبة والإرادة المصحوبة بالمشيئة الإلهية.
ما سبق يقودني ما يحدث لشباب هم في عمر والذين يتصورون حسب أذهانهم أن الهجرة إلى دولة ما حتى لو كانت هجرة غير شرعية فيها النجاح والفلاح وتحقيق الذات وهذا من وجهة نظري المتواضعة ولما ذكرته سلفا غير صحيح بالمرة
فالأمر الغير مقرونة بإرادة الله حتما سيكون الفشل حليفه وربما تتعرض لإنتكاسات في سفرك إلى خارج البلاد ما كانت تحدث لو أنك فكرت كثيرا ولجأت إلى مشورة الله
فقد يتصور البعض أنه إنتقل من صراع الاحتياج لرغد المعيشة ورفاهية الخيال؛ إلى صراع البقاء على قيد الحياة وتجدد الآمال. ومثل تلك الهجرة هي مرفوضة حتى كتابيا طالما تتعارض مع المشيئة الإلهية ومن يقومون بذلك ينطبق عليهم قول الرسول يعقوب في ذلك :" هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ:" نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ" (يع4: 13).
وهذا حال الكثير من الشباب بكل أسف في هذه الأيام. وتسأله إلى أين أنت ذاهب؟، وتكون الإجابة: إلى أي مكان وبأي طريقة!
ورغم التكلفة المادية والتي غالبًا ما تكون قروض أو بيع بعض الممتلكات والتي تصل أحيانا إلى بيع المنزل دون النظر للعواقب الوخيمة التي تحدث من جراء ذلك والتي وصلت إلى غرق الكثير من الشباب، أو ترحيلهم من البلاد التي ذهبوا إليها دون عائد أو طائل بسبب المخالفة في دخول البلد، مما تزداد معه حالة الشباب سوءا.
فالهجرة المصحوبة بالإحتياج والجوع. أو التطلع لمستوى معيشة معين، في الغالب هي رحلة محفوفة في الغالب بالمخاطر.
ولو تصفحنا كلمة الله سوف نقرأ عن رحلة أبرام لمصر والمتاعب التي تعرضت لها أسرته " ويوضح ذلك الكتاب في قوله "وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيدًا "(تك12: 11). وأيضًا تغرب إسحاق بسبب الجوع في جرار في مملكة أبيمالك ملك الفلسطينيين حتى وصلت معاناته مع الغربة إلى الطرد (تك26: 1).
الأمر المدهش الغريب أن المهاجر يقبل أي عمل يجده في بلاد المهجر، ويرفض وبشد نفس العمل في وطنه.
ولعل في قصة نعمي وزوجها أليمالك التي وردت في سفر راعوث كل العبر في الهجرة والبعد عن الوطن دون وضع الأمر أمام الله، أو دون رؤية فقد قررا ترك قريتهم بيت لحم، والترحال إلى بلاد موآب. وحدث ما لم يضعوه في حساباتهم في سبيل البحث عن رغدة الحياة والمستوى الأفضل وبدلا من كل ذلك المأمول بدأ يعيشان صراع الموت والعذاب، وكان الزوج هو بداية المفقودين لدى نعمي ثم تلاها أبناه بعد أن كان قد تزوجا من تلك البلاد والقصة مملوء بالألم النفسي والجسدي والروحي معا وعبرة وعظة لمن يسير حسب رغبته دون العودة إلى مشورة الله ويقينية البقاء والنجاح وإن ذلك ليس مرتبطا لا بالزمان ولا بالمكان
وقصة نعمي تحتاج للقراءة والتأمل مرات ومرات لأن فيها دواء وشفاء يحفظنا من صراع الهجرة والعزوف على البقاء في الوطن