آراء و أقلام إنجيلية

الهجرة غير الشرعية و رؤية كتابية

  • بقلم: ش. ناصر صادق

الهجرة غير الشرعية تعني الهجرة والسفر خارج المعايير التنظيمية للدولة المُرسِلة أو دولة العبور أو دولة الوصول. ومن وجهة نظر دولة الوصول، فإنها تتضمن الدخول أو الإقامة أو العمل بصورة غير قانونية.

الشباب والهجرة الغير شرعية:
أولًا لابد من التساؤل هل الهجرة من مكان إلى مكان مشروعة؟ الإجابة بالتأكيد نعم.
لكن كيف؟

هنا نأتي بالسؤال: ماذا تعنى الهجرة الغير شرعية؟
تعني سلوكًا غير سليم من الشباب للوصول إلى بلاد غير بلادهم بطرق غير آمنة واستخدام أساليب غير مشروعة للوصول إلى هذه البلاد. ومن هنا تكمن الأسرار في:
استغلال هؤلاء الشباب بدفع مبالغ طائلة، ومنهم من يستديم للسفر ومنهم من يبيع أرضه ومنزله لدفع هذه المبالغ.
السفر باوراق غير سليمة مما يعرضهم للعودة بشكل مهين إلى بلادهم.
احتمال التعرض للمخاطر الشديدة والموت والغرق في قاع البحار.
وفي حال الوصول، تجد نفسك بين صعوبات الحياة في اللغة، والثقافة، وامكانية الحصول على فرصة عمل دون استغلال.

هذه مقدمة عامة عن الموضوع، لكن ماذا يقول الكتاب المقدس ويعلمنا عن هذا الموضوع؟
علمنا الكتاب المقدس عن أوّل وأشهر مهاجر شرعي بأمر من الرب، وهو إبراهيم أبو المؤمنين، حينما قال الرب له: "وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ." (تك 12: 1). وهنا كانت دعوة الرب له وكانت الأرض معدة له حينما قال له "الى الأرض التي أُريك." فحينما يأمر الرب بالهجرة هو يعطينا بدعوته تأشيرة الدخول التي لم تكن موجودة في ذلك الحين كما هي الحال في هذه الأيام. فمع دعوة الهجرة يعطى معها ضمان البركة
ولدينا أمثلة أخرى غير إبراهيم، يعقوب مثلاً: "فَكَلَّمَ اللهُ إِسْرَائِيلَ فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَقَالَ: «يَعْقُوبُ، يَعْقُوبُ!» فَقَالَ: «هأَنَذَا». فَقَالَ: «أَنَا اللهُ، إِلهُ أَبِيكَ. لاَ تَخَفْ مِنَ النُّزُولِ إِلَى مِصْرَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلَى مِصْرَ، وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا." (تك 46: 2). نلاحظ من هذه الكلمات التي قالها الله ليعقوب "لا تخف" (الشعور بالأمان)، "أجعلك أمة عظيمة" (وعد بالبركة)، "أنا أنزل معك" (مرافقة الله ليعقوب)، تلك هي الضمانات الإلهية للهجرة الشرعية.
ولنا مثال آخر، المرأة الشونامية: "وَكَلَّمَ أَلِيشَعُ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَحْيَا ابْنَهَا قَائِلًا: «قُومِي وَانْطَلِقِي أَنْتِ وَبَيْتُكِ وَتَغَرَّبِي حَيْثُمَا تَتَغَرَّبِي، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَعَا بِجُوعٍ فَيَأْتِي أَيْضًا عَلَى الأَرْضِ سَبْعَ سِنِينٍ»." (2 مل 8: 1). فقامت المرأة وفعلت حسب كلام رجل الله.
ومثال آخر هو أكبر هجرة شرعية، هجرة شعب الله من أرض مصر إلى أرض كنعان وهذه أيضاً بأمر من الرب.
والمثال الأخير هو هجرة الرب يسوع وهو طفل صغير مع يوسف ومريم إلى مصر.

كل هذه النماذج هي كانت نماذج للهجرة الشرعية والتي كانت تتناسب مع ظروف الحياة وطبيعة القوانين والأنظمة في ذلك الوقت والتي كانت بدعوة من الله وهذه كانت تكفي لكل الضمانات.
أما في هذه الأيام ونظراً لوجود أنظمة وبروتوكولات دولية حددت طريقة الهجرة ومدتها والغرض منها، فمثلاً في كل بلد هناك سفارات وقنصليات ويجب الحصول على تأشيرات دخول محددة الغرض والمدة سواء كانت للسياحة أو العمل أو الإقامة أو الدراسة وكل نوع له شروطه ومخالفة هذه الشروط تسمى هجرة غير شرعية وكل ما هو غير شرعي سواء مخالفة للوائح أو الأنظمة فهو مخالفة لتعاليم الكتاب المقدس.
في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13: 1 لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. 3 فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، 4 لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ. 5 لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. 6 فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُوَاظِبُونَ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ. 7 فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَن لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.
الله يتوقع منا أن نطيع القوانين والاستثناء الوحيد هو إذا اضطرتنا هذه القوانين لعصيان وصايا الله. ولا يوجد نص في الكتاب المقدس يوصينا بكسر القوانين أو العصيان. حتى وإن كانت بعض القوانين واللوائح والأنظمة غير عادلة وظالمة، لكن لا نعطي لأنفسنا الحق في انتهاكها.

لكن عزيزي القارئ، أمام ضغوط الحياة، ماذا نفعل؟ هل نخالف تعاليم الكتاب المقدس أم نعيش حياة هادئة بدون مخاطرة ونبحث عن لقمة العيش وفق الأنظمة والقوانين؟ وأيضاً أوصانا الكتاب المقدس بالطاعة والبحث عن الحلول السليمة التي تساعدنا على أن نعيش حياة سعيدة في مخافة الله بدون مخالفة لتعاليمه ووصاياه.