العذراء مريم في الفكر الإنجيلي
10/23/2023 12:00:00 AM
بادئ ذي بدء، أحب أن أشير إلى أن هذا الفكر تجاه العذراء مريم، ليس الفكر الإنجيلي بل الفكر الكتابي، فالرب القدير عنما أراد أن يأخذ جسداً، إختار العذراء مريم، وأعلن لها عن طريق الملاك قائلاً : :"لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. ٣١وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. ٣٢هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى،(لو 1: 30 ).
وبذلك قد أعطى الرب للعذراء مريم كرامة و رفعة، بإختياره لها فتغنت قائلةً: تَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، ٤٨لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي،(لو 1: 47). وهنا أود أن أشير إلى الفرق بين تطوبني وتمجدني، فكلمة " طوبى " تعني "يالسعادة" ، أي أن جميع الأجيال ترى ما صنعه الرب بي، وتشعر بما أنا فيه من سعادة وغبطة وسرور وفرح.
أما كلمة تمجدني لم ترد في النص الكتاب وهي تعني " المجد لي" وهنا يكمن الخطر الجاسم، فقد أعلن الرب القدير لشعبه في العهد القديم هذا التحذير قائلاً: "أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ، وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ ( أش ٤٢:٨ ).
و ذكر أيضاً " قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَعِزًّا ( مز 29: 1 ) فلايصح أن اقدم المجد ( التمجيد ) لأنسان مهما كان، وبذلك أنا لا أقلل من شأنهكأنسان مُكَرّم، ففي هذا الصدد عندما لا نرفع تمجيد للعذراء مريم، لا نقصد التقليل من شأنها ومكانتها، بل نقصد طاعة الرب الذي أمرنا أن نرفع المجد له وحده. فلم نجد أن المسيح، أو أي شخص آخر في كلمة الله، يقوم بتوجيه أي مديح أو مجد أو عبادة إلى مريم. و لم يمنح الرسل مريم دوراً مميزاً.ولا تستطيع أن تتشفع من أجلنا لأن الكتاب يقول لنا في تيموثاوس الاولى ٢:٥ لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. وأيضاً يقول في يوحنا الاولى ٢:١ يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ
ولا يسجل الكتاب المقدس موت مريم. ولا يقول شيء عن صعود مريم إلى السماء أو أن لها مكانة ممجدة هناك. ولا يقول عنها أنها والدة الإله، لأن إلهنا غير مولود ولا مخلوق بل هي أم يسوع كما قال الكتاب المقدس عنها في يوحنا ٢:١ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ . وأيضا في اعمال الرسل ١:١٤ هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.
إذا العذراء المطوبة مريم هي أم الناسوت أي (الجسد ) وليست أم اللاهوت (الله) فحسب فكر الكتاب المقدس وتعاليمه ليس من الحق أن نقول عنها إنها والدة الإلهففي مجمع أفسس عام 431 م تم إقرار لقب العذراء مريم"والدة الإله".
هذا وما تم ذكره سالفاً ما نؤمن به تجاه السيدة العذراء مريم وهذا ما يتوافق ويتطابق مع فكر الكتاب المقدس