آراء و أقلام إنجيلية

الجهاد الحسن

  • بقلم: ق. عماد بطرس

الشاهد: (1تي 6: 12)" 12جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً، وَاعْتَرَفْتَ الاِعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ."
- يحكي أن دولة من الدول أعلنت مسابقة للجري لإمتلاك الأراضي والأرض التي ستجري فيها، بشرط أن ترجع قبل غروب الشمس، فبدأ المتسابقون، أكتفي البعض منهم بقطعة أرض صغيرة، وهناك من جري أكثر ليحصل علي قطعة أرض أكبر من غيره، لكن تلاحظ أن متسابق جري مسافة أكبر من الباقين، وعندما وجد أن الشمس ستغرب ويخسر المسابقة جري بأقصى سرعة ليصل قبل غروب الشمس وبالفعل نجح.
- لكن عندما ذهب القائمين على المسابقة لتهنئتهعثروا عليه جثة هامدة
- نتعلم من ذلك أن هناك من يجاهد في الحياة الأرضية بأقصي قوته ليحصل علي المال، الأراضي، الممتلكات، الترقيات.(إكليل يفني) ولكنه لا يجاهد الجهاد الحسن.
- بني الرسول بولس فكرة الجهاد علي ما نراه في الملاعب الأولمبية.
- الجهاد كلمة تعني أنك تناضل لكي تحصل علي الجائزة.
- وأيضا كلمة الجهاد تحمل العديد من المعاني فهي تحمل معني رياضي، تحمل معني عسكري.
- وأيضا هي تحمل صيغة الفعل في اللغة اليونانية المضارع المستمر، فالجهاد عملية متواصلة.
- هناك من يجاهد الجهاد الحسن.
- مثل الرياضي الذي يحرم نفسه من الأكل والراحة حتي يفوز بالإكليل.
- هذا الجهاد يؤدي إلي الحياة الأبدية.

1- الجهاد ضد الخطية:
يضع أمامنا الوحي المقدس صورتين:-
أ- صورة المصارع:
(عب12: 1- 3)" 1لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. 4لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ"
سحابة الشهود عانوا من الاضطهاد، وحرموا أنفسهم من اللذات في سبيل إرضاء الرب، وصبروا بثبات وتحملوا بإيمان وصبر.
لذلك يطلب منا أن نجاهد بالصبر، أي نركض بثبات وانضباط ونتخلي عن كل ما يعيقنا من ثقل يؤخر تقدمنا، هذا الثقل هو الخطية.
طرح الخطية المحيطة بنا، فالحياة المسيحية ليست سهلة، لكن يوجد جهاد مستمر ضد الخطية، يجعلنا نقاوم حتي الدم مجاهدين ضد الخطية.
الذي يجعلنا نفعل ذلك هو النظر إلي رئيس الإيمان فهو إحتمل الصليب مستهينا بالخزي.
وأيضا ضرورة النظر إلي رئيس الإيمان يجعلنا لا نكل ولا نخور. بل يجعلنا نقاوم مجاهدين ضد الخطية.
الجهاد حتي الدم ضد الخطية يجعلنا نختار الموت علي أي مساومة مع الاثم.
ب- صورة المتسابق:
(1كو9: 24- 27)" 24أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ وَلَكِنَّ وَاحِداً يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هَكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولَئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. 26إِذاً أَنَا أَرْكُضُ هَكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هَكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. 27بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضاً."
المتسابق الذي يجاهد ضد الخطية يضبط نفسه في كل شئ، أي لا يأخذ حريته تماما، ولا يعطي للجسد ملذاته.
المتسابق وهو يجاهد ضد الخطية يفعل كل ما يجعله يفوز بالسباق.
المتسابق وهو يجاهد ضد الخطية يقمع جسده ويستعبده، أي لا يعطيه الملذات والشهوات، فهو يفرض علي نفسه نظاما صارما لكي يفوز بالجعالة(المكافأة)

2- الجهاد في احتمال الآلام لأجل المسيح:
(في1: 30)" 30إِذْ لَكُمُ الْجِهَادُ عَيْنُهُ الَّذِي رَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، وَالآنَ تَسْمَعُونَ فِيَّ."
ترجمة كتاب الحياة:" مجاهدين الجهاد عينه الذي رأيتموه في والذي تسمعون الآن أنه فيّ"
هم رأوه وهو يتألم في فيلبي، وسمعوا عنه أنه ما زال يتألم لأجل المسيح، فهو يكتب لهم الرسالة وهو في السجن لأجل المسيح.
العدو يحارب المؤمنين بإثارة الناس ضدهم لكي يرجعوا عن الإيمان، لكن المؤمن يجاهد وهو يتحمل الآلام لأجل المسيح.
الذي يجعل المؤمن يجاهد في احتمال الآلام لأجل المسيح هو:-
1- الألم هبة:" وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضا تتألموا لأجله"
فالمسيح تألم لأجلنا تاركا لنا مثالا لكي نتبع خطواته.
الكلمة اليونانية المترجمة هنا بكلمة "تتألموا" هي باسكو pasko وهي تعني:-
أ- الاضطهاد.
2- الألم الجسدي المرتبط بالاضطهاد: (أع 28: 5) ،(مت17: 15)
3- التألم وقت التجربة: (عب2: 18)
4- المصاعب: (2كو12: 26)، (غل 3: 4)
ب- الآلام يقابلها أمجاد:
"فإن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه"(رو8: 17)
فآلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد(رو8: 18)

3- الجهاد في الخدمة:
( 2تي4: 7)" 7قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ"
الرسول بولس يضع حافزا أمامنا كخدام؛ أن نجاهد في طريق الخدمة فهو قد سمي رسول الجهاد.
جاهد لتتم خدمتك، جاهد لتكمل سعيك.فهو الذي قال عن نفسه(أع20: 23)" لست أحتسب لشئ ولا نفسي ثمينة عندي حتي أتمم بفرح سعي والخدمة التي أخذتها من الربيسوع لأشهد ببشارة نعمة الله"
جاهد لتحفظ الإيمان.
لقد أستخدم الرسول بولس أثناء خدمته صورة السباق، وكيف أن المؤمن هو رياضي يجاهد في سباق حتي يصل إلي خط النهاية.
الجهاد في الخدمة له صر كثيرة:-
1- جهاد الكرازة بالإنجيل:
(في4: 3)" 2أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْراً وَاحِداً فِي الرَّبِّ. 3نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضاً، يَا شَرِيكِي الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي الإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضاً وَبَاقِي الْعَامِلِينَ مَعِي، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ."
أفودية وسنتيخي جاهدتا معي في الإنجيل.فهما كرزا بالانجيل ووعظا به، وتلمذا كثيرين من النساء والأولاد.
هذا ما فعله الرسول بولس وفعلته أفودية وسنتيخي ويفعله خدام الرب في كل مكان الجهاد لتوصيل رسالة المسيح، وبذل المجهود لأجل أن تصل كلمة الله لكل شخص (كو1: 29)" 28الَّذِي نُنَادِي بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ انْسَانٍ، وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ انْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ انْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 29الأَمْرُ الَّذِي لأَجْلِهِ اتْعَبُ ايْضاً مُجَاهِداً، بِحَسَبِ عَمَلِهِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيَّ بِقُوَّةٍ."

4- الجهاد في الصلاة:
جاهد يعقوب في الصلاة، حتي حصل علي البركة.
(تك32: 28)" فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ».
كان جهاد يعقوب في الصلاة صلوات بدموع لكي يحقق الرب له طلبه.
(هو12: 3)" «فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ وَبِقُوّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللَّهِ. 4جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا."
الرسول بولس يطلب من المؤمنين أن يجاهدوا في الصلوات من أجله.
(رو15: 30)" فأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَبِمَحَبَّةِ الرُّوحِ أَنْ تُجَاهِدُوا مَعِي فِي الصَّلَوَاتِ مِنْ أَجْلِي إِلَى اللهِ 31لِكَيْ أُنْقَذَ مِنَ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُؤْمِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَلِكَيْ تَكُونَ خِدْمَتِي لأَجْلِ أُورُشَلِيمَ مَقْبُولَةً عِنْدَ الْقِدِّيسِينَ 32حَتَّى أَجِيءَ إِلَيْكُمْ بِفَرَحٍ بِإِرَادَةِ اللهِ وَأَسْتَرِيحَ مَعَكُمْ."
يتكلم عن أبفراس أنه يجاهد في الصلاة لأجل مؤمنين كولوسي.
(كو4: 12)" 12يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ ابَفْرَاسُ، الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ، عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ، مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ."
نحتاج أن نجاهد في الصلاة(نصلي بدموع- نصلي بلجاجة) لأجل أن يحفظ الرب المؤمنين في التجارب وأن نجاهد في الصلاة لأجل أسرنا ولأجل أولادنا.
هل تجاهد الجهاد الحسن أم لا؟
الجهاد الحسن يشمل الصلاة- الصوم- الخدمة- حفظ النفس من الخطية- التدقيق في كيفية تكون حياتك ملك السيد المسيح.