آراء و أقلام إنجيلية

القديسه العذراء فى كلمة الله

  • بقلم: ق. سامي حنا باسيليوس

تحدثت بعض الٱيات في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ففي اش ٧: ١٤" وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ "عِمَّانُوئِيلَ " وفي متى ١: ١٨: ٢٣ وأما وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. ١٩فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا. ٢٠وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً:"يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. ٢١فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ". ٢٢وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: ٢٣"هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا
السيدة مريم العذراء بكل تأكيد ميزها الرب ووضع على قلبها مسئولية كبيرة أمام الله نفسه وأمام الناس ولاسيما أمام أهل بيتها وهو مسئولية جسيمة فيما بنظر للمرأة عامة وفي منطقة الشرق خصوصا ولعل من المناسب لي ولاسيما مع اقتراب عيد الميلاد المجيد وحلول العام الجديد نتذكر القديسه المطوبه العذراء مريم ببعض الكلمات المقتضبة حسبما يقودنا روح الله في هذا الشأن
عندما نتطرق إلى جذور السيدة مريم العائليه فأننا سنرى أنها ولدت من أسرة فقيره فى مدينة الناصره من أم أسمها حنه وأب أسمه يواقيم وكانت مخطوبه لرجل فقير يعمل في مهنة النجارة أسمه يوسف وإن كان مايميزه أنه رجل بار.
وعندما نتحدث عن الحالة المعيشية التي كانت تعيشها السيدة مريم فأننا نعني ما خبرنا عنه الكتاب بشكل صريح في بعض العلامات التي تبين إلى حد كبير أن السيدة مريم العذراء كانت من بيت فقير ويظهر ذلك عندما ولدت السيد المسيح فأننا نجد البشير لوقا في العدد الأصحاح الثاني والعدد السابع يقول " قمطته واضجعته فى مزود اذ لم يكن لهما موضع فى المنزل وفي تقدمتها فى الهيكل قدمت للفقراء زوج حمام او فرخى يمام " لو 2 : 22" وقد رأينا لحظة موت الرب مصلوبا لم يكن لها عائل وتجلى ذلك في القول " "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ»." (يو 19: 26).
لكن في التطرق إلى صفاتها أو سماتها فقد كانت حياتها مقدسه ارضت الرب، رغم أنها ولدت وتربت وعاشت فى مدينة الناصره تلك المدينه سيئة السمعه التى قال عنها نثنائيل فى يو ١: ٤٦ أمن الناصره يمكن ان يخرج شىء صالح.
وهذا يبين لنا أن الأماكن المقدسه لاتقدس النفوس ولنا في أولاد عالى الكاهن مثلا,، وأيضا في أولاد صموئيل وأولاد داود، وأيضا الأماكن الشريره الفاسده لاتؤثر على القديسين الذين عزموا من كل قلوبهم على إرضاء سيدهم ونرى في يوسف ودانيال والقديسه العذراء مريم أمثلة على ذلك.وقد تناولتها الٱية بشهادة نموذجية عن حياتها على الأرض عندما خاطبها الملاك في لو ١: ٢٨-٣٠ سلام لك ايتها المنعم عليها.... لاتخافى يامريم لأنك وجدت نعمة عند الرب وعندما بحثنا عن تفسير كلمة نعمه وجد لها عدة معانى حيث جاءت فى اللغه اليونانيه ««خاريس»» أي منحه أو ملكيه مجانيه حسب كرم الملك، وفى اللغه العبريه تعنى البهاء الذى يجذب النظر.
وقد وصف بعض الٱباء المسيحيين الأوائل النعمه المعطاه للقديسه العذراء مريم الى انها تعني أن الله أنعم عليها وسر بها، وأن الله أدخلها حساباته وخطته، وجعلها محبوبه ومرغوبه، ومنحها سندة ومعونة من السماء.
والشئ الذي يزيد السيدة مريم روعة وتقوى هي ثقتها الفريدة في وعد الرب "لو ١: ٣٨ ليكن لى كقولك"
دون النظر الى عقاب الشريعه اليهوديه في ذلك الوقت والتي كان الرجم هو العقاب السائد، ولإيمانها بكلمة الله جعلها لا تخشى كلام أهلها وعشيرتها وأهل بلدتها، ولا إلى نظرة خطيبها لها بل آمنت وصدقت وعد الرب لأنها تعلم أمانته وتعضيده وسندته لها. وهذه الثقة والإيمان اللذان ملأ قلبها لم يزدها إلا تواضعا ففي لو ١: ٣٨ هوذا أنا أمة الرب وفي لو ١: ٤٨ لأنه نظر إلى إتضاع أمته أي خادمته، ولا ترجع ما هي فيه إلى نفسها بل إلى سيدها وهذا ما يتضح في قولها في لو ١: ٤٦- ٤٩ تبتهج روحى بالله مخلصى..... لأن القدير صنع بى عظائم وأسمه قدوس" بل وتمتعت بحكمة عظيمة في محاولة الإستفسار عما حل بها عندما خاطبها الملاك في لو ١: ٣٢- ٣٥ عندما قائلا لها "أنك ستحبلين وتلدين أبنا وهذا يكون عظيما وأبن العلى يدعى إلى آخر صفات القدوس له كل المجد، فبادرته بالسؤال كيف يكون هذا وأنا لم أعرف رجلا وهو سؤال منطقي إذ كيف تلد وهى لم تعرف رجلا وهو أمرا لم يحدث عبر التاريخ إلا في ميلاد يسوع المسيح له المجد ومن ثم فقد قسم تاريخ البشرية الى قبل وبعد الميلاد. وبكل تأكيد فأن الله يحترم تساؤلاتنا عندما تكون منطقية ومن ثم أجابها الملاك على ما أثارته من تساؤل عندما قال لها "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك لذلك القدوس المولود منك يدعى أبن الله" وكانت مريم شديدة الولاء والإرتباط بكل من هو قريب من الله ومن ثم عقب حوارها الثنائي مع ملاك وفي لو ١: ٣٠ فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعه الى الجبال الى مدينة يهوذا ودخلت بيت ذكريا وسلمت على اليصابات والتي كانت حاملا في يوحنا المعمدان.
وبلا شك ففي سبيل ذلك تألمت كثيرا وهناك معاناة تعرضت لها مريم يقرأها ويشعر بها كل مؤمن دارس ومؤمن بكلمة الله ولعل في نبؤة سمعان الشيخ فى لو ١: ٣٤-٣٥ عندما يقول " إن هذا وضع لسقوط وقيام كثيرين فى أورشليم ولعلامة تقاوم وأنت أيضا يجوز فى نفسك سيف.
فقد تألمت فى فترة حملها، وأثناء وضعها لمولودها وبعد الوضع ومعاناة الهروب إلى مصر، بل وأثناء خدمته وصراع اليهود معه، وفي د صلبه وموته فقد إجتاز السيف فى أعماق نفسها فاحتملت بشكر ولم تتذمر ابدا، ومن ثم نالت اكرام الرب ففي لو ١: ٤٨ " فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" أى تكون محل فخر وتقدير وإحترام وذكرها فرح وسعادة كنموذج للبركة والقداسة والتهنئة لما حظيت به من رب المجد ولقبت بأم يسوع مثلما ورد في يو ٢: ١ و أع ١: ١٤ وحصدت أعظم العطايا عندما كانت تنتظر مع التلاميذ موعد حلول الروح القدس الذي حل عليهم يوم الخمسين. تبقى السيدة مريم العذراء مطوبة لدى كل مؤمن كنموذج للإيمان والطاعة وأيضا للتواضع والثقة في الرب.