آراء و أقلام إنجيلية

العذراء القديسة مريم فى الفكر الانجيلي

  • بقلم: ش. ناصر صادق

إن نظرة الأنجيليين إلى العذراء مريم مستمدة تمامًا وتتماشى مع تعاليم وفكر الكتاب المقدس. وكل ما يشاع حول نظرة الأنجيليين إلى العذراء مريم من أقوال ليست لها علاقة بما ذكره الكتاب هو غير صحيح ومخالف لتعاليم الكتاب المقدس. ولن نتطرق إلى ما يشاع، لكنني سأتطرق إلى ما ذكره الكتاب المقدس والسيد المسيح نفسه عن السيدة العذراء.
مريم العذراء هي الإنسانة الوحيدة التي إختارها الله دون غيرها من نساء العالم ليبشرها الملاك جبرائيل بقوله: "فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." (لو 1: 35).
فالكلمات التي وردت في الإنجيل بشأن السيدة العذراء تؤكد أنها مباركة بين النساء، "فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48). وهذا إتفاق على حب وتطويب السيدة العذراء وإن إختلفت مظاهرها. والحب والتطويب للسيدة العذراء نابع من رحلة كفاح إجتازتها العذراء مريم منذ أن بشرها الملاك وهي فتاة صغيرة، مرورًا بولادة رب المجد يسوع، ومرورًا برحلة الهروب للحفاظ على حياة الطفل يسوع وتحملها مشقات السفر والهروب من بلد إلى أخرى معرضة حياتها للخطر.
فالعذراء مريم هي شخصية محورية وتقف في سنتر الأحداث منذ بداية البشارة وحتى الميلاد ومرورًا بأحداث كثيرة من الصلب وحتى القيامة: "وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!" (لو 1: 42). فقد كانت فتاة طاهرة نقية الأخلاق.
و ما ذكره المصلحون مثل مارتن لوثر وجون كالفن عن أهمية وقدسية وقيمة العذراء كثيرة فقد كتب مارتن لوثر أن مريم العذراء ليست مثال المؤمن المسيحي فحسب بل هي مثال الكنيسة، أنها رمز في طاعتها لأمر الروح القدس وفي تواضعها وفي دعوتها العظيمة.
كما ذكرها جون كالفن أيضًا وقال أنها معلمتنا ومثالًا يحتذى به في التلمذة وفي معرفة الكتاب المقدس.
وأيضًا ما ذكر اللاهوتي الألماني كارل بارت حينما قال: "يجب أن نحترم شهادة الذين كانوا قبلنا في الكنيسة".
وقال الدكتور القس لبيب مشرقي، أحد المفكرين الإنجيليين في الكنيسة المصرية: "لا عجب أن يضطرب القلم وهو يقترب من قدس العذراء مريم، فإنها وإن كانت من البشر، إلا أن أمومتها للسيد تضفي على شخصها نورًا قدسيًا يرفعها عن طبقة البشر العاديين".
في حين قال القس الياس مقار رئيس الطائفة الإنجيلية الأسبق: إن القديسة العذراء أصبحت كوكبًا لامعًا في كل الأجيال.
وقال الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية الحالي:
إن العذراء مريم هي أول وأهم الشخصيات المحورية في قصة الميلاد، فإنها فتاة في إحدى قرى فلسطين تأتيها إشارة من السماء بأنها ستحبل وتلد بدون زواج، وهي كارثة بكل مقاييس مجتمعاتنا الشرقية، وتحدي خطير قد يكلفها حياتها، بل أن ذلك يضعها أمام لحظة حاسمة تاريخي وأمام قرار صعب وقد كانت شجاعة في إتخاذ قرارها بقبول بشارة الملاك: "عندما َقَالَتْ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ». فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ." (لو 1: 38).
وقال الدكتور ماهر صمؤيل:
قد إتحد في بطن مطوبة الأجيال اللاهوت بالناسوت ،ومن ثم علينا أن نقف أمامها بكل خشية وإحترام هذه العظيمة ونشترك مع جميع الأجيال في تطويبها ،هنا كان يحدث أعظم شيء في كل التاريخ البشري. كانت لحظة فارقة عندما خلق الخالق بأصابعه، فهتفت جميع كواكب الصباح. فكيف لا نهتف ونحن نرى الخالق في بطن العذراء ونقف خاشعين ونقول نطوبك.
وأعود وأذكر وأؤكد أننا نتمسك بما ذكر في الكتاب المقدس عن السيدة العذراء:

- المنعم عليها (لو 1: 28).
- المباركة في النساء (لو 45: 1).
- أم يسوع (مر 31: 2).
- أم المسيح (متى 1: 16).
ولذلك، أؤكد أن نظرة الأنجيليين للعذراء القديسة مريم مستمدة من الكتاب المقدس ومن منا يجرؤ على مخالفة تعاليم الكتاب المقدس، فإنه ما يشاع من تقليل لقيمها وقدرها غير صحيح على الإطلاق، لأنه يتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس.