مريم العذراء والدروس المستفادة
11/13/2023 12:00:00 AM
لقد تميز السيد المسيح له المجد عن سائر البشر ولما لا وهو الذي قال عن نفسه أنا هو الحق والحياة ومن ثم فقد جاء إلى العالم بطريقة فريدة وغير مسبوقة وغير مألوفة من خلال سجل ميلاد دون أب بشرى.
وعندما جاء فقد كان من خلال أم عظيمة أتسمت بسمات روحية عظيمة غرست فينا روائع الاختبارات الروحية وأعطتنا دروس عمقت لدينا علاقتنا مع الله بصورة رائعة ومتميزة وذلك من خلال شخصية فريدة هي والدته بالجسد السيدة العذراء مريم التي تخللت حياتها القداسة أثناء فترة حياتها على الأرض بل و تميزت بعدة سمات نتناولها بشكل تفصيلي خلال السطور التالية والتس تمثلت في التالي :-
أولاً: تسأل للمعرفة:
عندما جاءت إليها البشارة سألت الملاك:«كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»(لو 1 :34) لقد سألت للمعرفة لأن ما نطق به الملاك لها كان أمرا جلل وغير مألوفاً؛ لذلك طلبت المعرفة، دون تشكيك في قول الملاك لها لكن فقط لمعرفة كيف سيتم ذلك، وجميل أن نسأل عندما لا نعرف ولا نظل في جهلنا، وبالتأكيد ستأتي لنا الإجابة، وهذه وعد السيد المسيح،"أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ"(مت 7 :8) وكانت إجابة الله سريعة على إستفسارتها عندما قال لها الملاك فى لو 1: 35«اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ".
ولهذا أيضاً قالت لها أَلِيصَابَاتُ فى عدد(45) من نفس الأصحاح " فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" ، وهذا عكس سؤال زكريا الكاهن الذى سأل للشك فقال زكريا للملاك:
( لو 1: 18) «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟»، ولم يصدِّق ، فظل صامتًا حتى وُلد يوحنا المعمدان (لو1: 18-20). أما زكريا فجلب تأديبًا على نفسهِ.
المؤمن الذي يشكك في كلام الرب يفقد القدرة على الشهادة والترنيم. وهكذا عدم الإيمان يُطبق الشفتين إلى أن يرجع الإيمان فيُرجع النطق بالشهادة والتسبيح.
ثانياً: التواضع للرفعة:
على الرغم مما قاله الملاك لها بأنها «المُنعَم عليها»؛ وأن الرب معها، وأنها مبارَكة في النساء، وأنها ستحبل بابن العلي الذي سيملك على بيت يعقوب إلى الأبد؛ لكنها كانت متضعة إذ قالت للملاك: «هوذا أنا أَمَة الرب» كما قالت في تسبيحتها إن الله «نظر إلى إتضاع أَمَتِهِ»، وإنه «رفع المتضعين» (لوقا1: 38، 47، 52). لقد نظر الرب إلى اتضاعها ورفعها. وهذا مبدأ إلهي: «كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع» (لوقا14: 11).
ثالثاً:إيمان للثقة:
إيمان فاق ايمان الشيوخ والتلاميذ، تميَّزت بإيمان الثقة؛ فبعد أن أخبرها الملاك بكيفية الحبل قالت: «ليكن لي كقولك" ونجد في الكتاب المقدس أن ولادة طفل بطريقة غير عادية قوبلت بأفعال مختلفة على شخصيات الكتاب المقدس:
سارة :-" فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ،؟» (تك18 :12).
منوح :- "فَقَالَ مَنُوحُ لامْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتًا لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ» (قض13: 22).
زكريا :- «كَيْفَ أَعْلَمُ هذَا، لأَنِّي أَنَا شَيْخٌ وَامْرَأَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا؟» (لو1: 18-20).
لكن المطوَّبة مريم آمنت مباشرة دون جدال برغم من أن ما حدث معها لم يحدث من قبل، لكن كان في إجاتها نموذجا لكل مؤمن يعده الله بشيء.
رابعاً : تطلب للأخرين:
لم تطلب السيدة مريم العذراء لنفسها بل كانت خائفة من أن يُلام أهل العرس بنقص القيام بالواجبات للمدعوين
(يو 2 :3)«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ» كان لديها أحشاء رحمة .
(كو 3: 12)" فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ،"
خامساً : البشارة باختبار:
«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»(يو 2: 5) أنها لم توجّه الرجال إلى طاعتها هي، أو أي كائن بشري آخر، لكنها قادتهم إلى الرب يسوع، كانت تعلم أنه دائمًا يشير بالصواب و مقتدر في فعل ما يقوله.
سادساً : الشكر عندما تتألم :
تنبأ بها سمعان الشيخ عندما قال: " وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ،". (لو 2: 35)،
قلب الأم التى هربت لمصر لتحمى طفلها من بطش هيرودس والذى كسر من خيانة يهوذا وترك التلاميذ ومن التهم والمحاكمات الظالمة وجحود الشعب الناكر للجميل والجلد والصليب
وهي ترى آمالها قد تحطمت، فهذا الذي قال عنه الملاك: «هذَا يَكُونُ عَظِيمًا... وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (لوقا1: 32)، ولكنها تراه يموت.
ولكن تتحمل بشكرالألم لذلك كان هناك تَزْكِيَةُ لإيمانها
سابعاً: شركة المؤمنين:
هذه آخر مرة تُذكر فيها مريم (أم يسوع) بالأسم في العهد الجديد. لم يكن التلاميذ يصلّون لها ولكنهم كانوا يصلّون معها. وكانت العذراء مريم تنتظر مع التلاميذ لتقبل عطية الروح القدس.
قال المصلح زوينكلى :" كلما أحببنا واحترمنا المسيح أكثر، فإننا نقدّر ونحترم مريم العذراء أكثر فأكثر، لأنها حملت لنا المخلص فى أحشائها».
وحسنا فعل الدكتور القس اندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية عندما أهدى تمثال السيدة العذراء مريم لقداسة البابا تواضروس الثاني وللشعب الأرثوذكسي في مصر وذلك لوضعه بالمقر الجديد لكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة لتكون أول تذكار من كنيستنا الإنجيلية بالكاتدرائية الجديدة".
لأننا نؤمن أن القديسة المطوبة العذراء مريم ليس رحم تجسد المسيح من خلاله فقط ولكن تجسد فى روحها وقلبها وسلوكها وعقلها وهي نموذج فريدة للمرأة التقية المؤمنة القديسة المطوبة على مر العصور